قنديل البحر نوع لا مثيل له من الحيوانات البحرية، بسبب شكله المميز وخصائصه الأخرى، وينتمي إلى اللافقاريات، وأقصى عمر له نحو سنة، يتكوّن جسمه من 90% ماء، وليس له جهاز عصبي ولا دورة دموية ولا جهاز تنفسي، ولكنّ له جهازا هضميا غير كامل، ويستخدم فتحة واحدة لتناول الطعام وطرد النفايات.
ليس لقنديل البحر دماغ، وإنما مجرد أعضاء إحساس صغيرة حول مظلته، للتعرف على الضوء والرائحة ولمس الكائنات الأخرى، وتُعتبر زوائده آلية دفاع مهمة، حيث أنها مغطاة بخلايا لاسعة، تُحدث آلاما شديدة وقد تؤدي إلى الموت.
الصندوقي.. السام
أطلق على قنديل البحر <<الصندوقي>> هذا الاسم بسبب شكله المكعب، الذي يشبه الصندوق، وتعيش قناديل البحر الصندوقية في مياه أستراليا والفلبين وهاواي وفيتنام ومناطق استوائية أخرى كثيرة، وهذه القناديل سامة للغاية. الواقع أن بعض أنواعه تُعد ضمن أكث الكائنات سُمية في العالم، وتتواجد بوفرة في المياه الدافئة شمال أستراليا، غير أنها تختفي عادة أثناء فصل الشتاء، وباستخدام أدوات الكشف والمتابعة بالموجات فوق الصوتية <<ترددات صوتية تفوق مجال سمع الأذن البشرية>> أعلن باحثون أستراليون أن تلك الكائنات البحرية الخطيرة تنام عند قاع المحيط حتى الفجر، لتوفير طاقتها والهرب من أعدائها، التي لديها مناعة ضد سمها، مثل السلاحف البحرية الضخمة.
قناديل البحر الصندوقية، من بين كل أنواع القناديل، الوحيدة التي لديها جهاز رؤية فعال، يتكون من مجموعة من العيون البدائية، يمكنها استقبال الضوء وتمييزه عن الظلام، ومجموعة أخرى تتكون كل منها من قرنية وشبكية وعدسة، تتمدد وتقلص استجابة للضوء. ويطارد فرائسه بسرعة كبيرة نسبيا، تبلغ نحو ستة كيلومترات في الساعة.
قُرّاص البحر
قُرّاص البحر نوع من قناديل البحر الكبيرة، وأطلق عليه هذا الاسم بسبب لدغاته المؤلمة، وتعيش هذه السلالة اللاسعة في مصبات الأنهار والمحيط الأطلنطي والهادي، خاصة بالقرب من الشواطئ الغربية لأمريكا الشمالية.
وهو عبارة عن لافقاري جرسي الشكل، نصف شفاف عادة، يتميز بوجود نقاط بيضاء صغيرة وخطوط بنية ضاربة إلى الحمرة، وتُصنّف لسعته في المدى من متوسطة إلى شديدة، ويمكن أن تقتل الفريسة الصغيرة، إلا أنها ليست قوية بما يكفي للتسبب في وفاة الإنسان.
يوجد فم قنديل البحر بمنتصف أحد طرفي الجسم، وينفتح على تجويف يعمل على هضم الغذاء، الذي يتضمن العوالق البحرية <<كائنات حية عضوية دقيقة جدا>> والهلاميات <<كائنات بحرية لها أجسام شفافة>> والقشريات <<الروبيان>> وبيض الأسماك والديدان ويرقات البعوض. وهناك عدد كبير من الزوائد <<المجسات>> تنطلق من مظلة قُرّاص البحر، وكل مجس مغطى بخلايا لاسعة مجهرية، لكل منها <<كبسولة>> تحتوي على السم، وعند ملامسة الهدف تخترقه هذه الكبسولة، وتطلق السم الذي يمكنه صعق أي حيوان مفترس يهدده.
القمري
القنديل القمري <<الذي يشبه القمر عندما يكون بدرا>> واحد من مجموعة تضم أكثر من عشرة أنواع من القناديل متشابهة من حيث الشكل، وهذا القنديل شبه شفاف، يبلغ قطر مظلته <<جرسه>> حوالي أربعين سنتيمترا، ويتميز بوجود أربعة أشكال دائرية متألقة يسهل رؤيتها من أعلاه.
يتغذى على العوالق النباتية والحيوانية والرخويات، وغير قادر إلا على الحركة المحدودة جدا، مثل بقية القناديل، فإنه ينجرف أساسا بتأثير تيارات المياه. وتوجد في معظم محيطات العالم بالقرب من الشواطئ، وتفضل المياه الدافئة التي تموج بتيارات قوية. ويمسك قنديل البحر القمري بالفريسة بواسطة زوائده، ثم يسحبها إلى داخل التجويف الهضمي، حيث تعمل أنزيمات على تفتيتها، وليس له أعضاء تنفسية، وإنما يتنفس بسحب الأوكسجين من الماء من خلال غشاء رقيق جدا. ومن المعروف أن هناك أعدادا متنوعة من الضواري التي تفترس القناديل القمرية، منها السلاحف البحرية وطيور البحر والأسماك الضخمة.
الزهرية
أطلق اسم <<الزهرية>> على نع نادر من قناديل البحر، بسبب شكله الذي يشبه الزهرة المتفتحة. تعيش في مياه البرازيل والأرجنتين وكذلك في جنوب اليابان. تتميز بأن زوائدها <<مجساتها>> متألقة، وهي تلتف وتلتصق بمظلتها عندما تكون في حالة استرخاء. ومظلات قناديل البحر هذه شفافة وحول حوافها خطوط داكنة، تجعل من السهل التعرف عليها، وينمو قنديل البحر الزهري حتى يصل قطر مظلته إلى خمسة عشر سنتيمترا، ولسعته غير خطرة لكنها مؤلمة وتترك احمرارا في الجلد.. وهو يتغذى على الأسماك الصغيرة.
البريق الذي ينبعث من زوائده يساعده على تلمس طريقه في الأعماق المظلمة للمحيطات، وللاتصال بالكائنات الأخرى من نفس نوعه، ولجذب الفرائس وتجنّب الضواري التي يمكن أن تفترسه. إذ تتصور هذه الحيوانات المفترسة أن الألوان التي تتألق في زوائده عبارة عن سموم، لهذا تبتعد عنها، وبالطبع يعتمد هذا على مدى قدرة الحيوانات المفترسة على الرؤية.
[u]ذات الشعر الطويل[/u]
تتميز قناديل البحر من هذا النوع بزوائدها الكثيرة الرفيعة والطويلة جدا، التي تشبه الشعر، ويصل طولها إل 36 مترا، وتحتشد هذه الزوائد في ثماني مجموعات، يتراوح العدد في كل مجموعة ما بين 65-150 زائدة، تنتظم في صفوف، ويكون لها ألوان عديدة، فرمزية متألقة، وأرجوانية داكنة، وبرتقالية لامعة، وسمراء ضاربة إلى الصفرة.
يبلغ قطر مظلة قنديل البحر ذي الشعر الطويل نحو مترين ونصف، لذا يُعد أكبر أنواع قناديل البحر على الإطلاق، وتعيش في المياه الباردة بالقطب الشمالي والمحيطين الأطلسي والهادي، وهي غير سامة، لكن لدغاتها تسبب ألما شديدا واحمرارا للجلد يستمر لعدة ساعات.
تعمل قناديل البحر ذات الشعر الطويل مثل <<جزر>> في مياه المحيط، حيث تجعل عليها بعض الكائنات البحرية مثل الروبيان وبعض أنواع الأسماك، التي تجد في هذه القناديل حماية لها من الضواري المفترسة كالسلاحف الضخمة، وتقتات على العوالق النباتية والحيوانية والأسماك الصغيرة والهلامية وقناديل البحر القمرية.