السلام عليكم
شرح قصيدة أراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني
أراك عصي الدمع شيمتـك الصبـر أمـا للهوى نهـي عليـك ولا أمـر
بلى، أنـا مشتـاق وعنـدي لوعـة ولكـن مثلـي لا يـذاع لـه سـر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهـوى وأذللت دمعا مـن خلائقـه الكبـر
تكاد تضيء النـار بيـن جوانحـي إذا هي أذكتهـا الصبابـة والفكـر
معللتي بالوصـل والمـوت دونـه إذا بت ظمآنـاً فـلا نـزل القطـر
حفظـت وضيعـت المـودة بيننـا وأحسن من بعض الوفاء لك الغـدر
ومـا هـذه الأيـام إلا صحـائـف لأحرفها، من كـف كاتبهـا، بشـر
بنفسي من الغادين في الحـي غـادة هواي لهـا ذنـب، وبهجتهـا عـذر
تروغ إلى الواشين فـي، وإن لـي لأذنا بها عـن كـل واشيـة وقـر
بدوت وأهلـي حاضـرون، لأننـي أرى أن داراً لست من أهلهـا قفـر
وحاربت قومي فـي هواك،وإنهـم وإياي، لولا حبك، المـاء والخمـر
فإن يك ما قال الوشـاة ولـم يكـن فقد يهدم الإيمـان مـا شيـد الكفـر
وفيت وفـي بعـض الوفـاء مذلـة لإنسانة في الحـي شيمتهـا الغـدر
وقور، وريعـان الصبـا يستفزهـا فتـأرن أحيانـا كمـا أرن المـهـر
تسائلني : من أنت ؟ وهـي عليمـة وهل بفتى مثلي علـى حالـه نكـر
فقلت لها: لو شئت لم تتعنتـي ولـم تسألي عنـي، وعنـدك بـي خبـر
فقالت: لقد أزرى بك الدهـر بعدنـا فقلت: معاذ الله بل أنـت لا الدهـر
وما كان للأحـزان لـولاك مسلـك إلى القلب، لكن الهوى للبلى جسـر
وتهلك بين الهـزل والجـد مهجـة إذا ما عداها البيـن عذبهـا الهجـر
فأيقنـت أن لاعـز بعـدي لعاشـق وأن يدي ممـا علقـت بـه صفـر
وقلبت أمـري لا أرى لـي راحـة إذا البين أنساني ألـح بـي الهجـر
فعدت إلى حكـم الزمـان وحكمهـا لها الذنب لا تجزى به ولي العـذر
فلا تنكريني يـا ابنـة العـم، إنـه ليعرف من أنكرته البـدو والحضـر
ولا تنكرينـي، إننـي غيـر منكـر إذا زلت الأقدام، واستنـزل الذعـر
وإنـي لـجـرار لـكـل كتيـبـة معـودة أن لا يخـل بهـا النصـر
وإنـي لـنـزال بـكـل مخـوفـة كثير إلـى نزالهـا النظـر الشـزر
فأظمأ حتى ترتوي البيـض والقنـا وأسغب حتى يشبع الذئـب والنسـر
ولا أصبح الحـي الخلـوف بغـارة ولا الجيش، ما لم تأته قبلـي النـذر
ويـا رب دار لـم تخفنـي منيعـة طلعت عليها بالـردى أنـا والفجـر
وحي رددت الخيـل حتـى ملكتـه هزيما، وردتنـي البراقـع والخمـر
وساحبـة الأذيـال نحـوي لقيتهـا فلم يلقها جافـي اللقـاء ولا iiوعـر
وهبت لها ما حـازه الجيـش كلـه ورحت ولم يكشـف لأبياتهـا ستـر
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنـى ولا بـات يثنينـي عـن الكـرم الفقـر
وما حاجتي بالمـال أبغـي وفـوره إذا لم أصن عرضي فلا وفر الوفـر
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ولا فرسي مهـر ولا ربـه غمـر
ولكن إذا حم القضاء علـى امـرئ فليـس لـه بـر يقيـه ولا بـحـر
وقال أصيحابي: الفرار أو الـردى؟ فقلت :هما أمـران أحلاهمـا مـر
ولكننـي أمضـي لمـا لا يعيبنـي وحسبك من أمرين خيرهما الأسـر
يقولون لي بعت السلامـة بالـردى فقلت أما والله، مـا نالنـي خسـر
وهل يتجافى عنـي المـوت ساعـة إذا ما تجافى عني الأسر والضـر؟
هو الموت فاختر ما علا لك iذكـره فلم يمت الإنسان مـا حيـي الذكـر
ولا خير في دفـع الـردى بمذلـة كما ردهـا يومـا بسوءتـه عمـرو
يمنـون أن خلـوا ثيابـي، وإنـمـا علي ثيـاب مـن دمائهمـو حمـر
وقائم سيـف فيهمـو انـدق نصلـه وأعقاب رمح فيه قد حطـم الصـدر
سيذكرنـي قومـي إذا جـد جدهـم وفي الليلـة الظلمـاء يفتقـد البـدر
فإن عشت، فالطعن الـذي يعرفونـه وتلك القنا والبيض والضمر الشقـر
وإن مـت فالإنسـان لا بـد ميـت وإن طالت الأيـام وانفسـح العمـر
ولو سد غيري مـا سـددت اكتفـوا به وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر
ونحـن أنـاس لا تـوسـط بينـنـا لنا الصدر دون العالميـن أو القبـر
تهون علينا فـي المعالـي نفوسنـا ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا وأعلـي ذوي العـلا وأكرم من فوق التـراب ولا فخـر
شرح اراك عصي الدمع
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر **** أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ ؟
أي أراك تعصى الدمع وتخرج من طاعته ، من أخلاقك الصبر ، أليس للحب أمر ونهي عليك ؟
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة **** لكن مثلي لا يذاع له سرُ
أي نعم أنا مشتاق وعندي حرقة في القلب ، لكن مثلي لا يفشى له سر .
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى **** وأذللت دمعا من خلائقه الكبرُ
أي إذا الليل أضعفني مددت يد الحب ، وأضعفت دمعا من صفاته العظمة والتجبر .
تكاد تضيء النار بين جوانحي **** إذا هي أذكتها الصبابة والفكرُ
أي تكاد تضيء النار بين أوائل ضلوعي تحت الترائب ، إذا هي أشعلها الشوق والتفكير .
معللتي بالوصل والموت دونه **** إذا مت ظمآنا فلا نزل القطرُ
أي أطمعتني بالوصل والموت دون ذلك ، إذا مت عطشانا وما نزل المطر .
بدوت وأهلي حاضرون لأنني **** أرى دارا لست من أهلها قفرُ
أي أتيت من البادية حيث هي الحبيبة ،
وأهلي مقيمون في الحضر ، لأني أرى الدار التي أنتِ لستِ منها ، أرضا لا
ماء فيها ولا ناس ولا كلأ .
وحاربت قومي في هواكِ وإنهم **** وإياي لولا حبكِ الماء والخمرُ
أي حاربت قومي لأجل حبكِ ، وإني لولا حبكِ لامتزجت بهم كما يمتزج الماء والخمر .
فإن كان كما قال الوشاة ولم يكن **** فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفرُ
أي إذا قال الوشاة أنني وفيت لإنسانة شيمتها الغدر ، فالحب الصادق يهدم ما بناه قول الوشاة .
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة **** لآنسة في الحي شيمتها الغدرُ
أي يقول الوشاة أني وفيت لإنسانة شيمتها الغدر ، والوفاء في ذلك مذلة .
وقور وريعان الصبا يستفزها **** فتأرن أحيانا كما يأرن المهرُ
أي رزنت وثبتت وأول الصبا يستخفها ، فتمرح أحيانا كما يمرح وينشط المهر .
تسائلني من أنت وهي عليمة **** وهل بفتى مثلي على حاله نكرُ
أي تسألني من أنت وهي تعلم ، وهل فتى على حالي من الشهرة أو اللوعة يجهل ولا يعرف ؟
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى **** قتيلك قالت أيهم فهم كثرُ
أي أجبتها بإرادتها وإرادة هواها ، أنا قتيلك ، قالت أي واحد منهم فهم كثيرون ؟
فقلت لها لو شئت لم تتعنتي **** ولم تسألي عني وعندك بي خبرُ
أي قلت لها إذا أردتِ لم تسأليني عن شيء يشق عليكِ ، ولم تسألي عني وعندكِ بي علم .
فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا **** فقلت معاذ الله بل أنتِ والدهرُ
أي قالت لقد حقرك الدهر ، فقلت معاذ الله بل أنتِ والدهر معا .
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق **** وأن يدي مما علقت به صفرُ
أي أن حبه لها قد حقره على عزته ورفعة قدره ، لذلك لا عز لعاشق لها بعده ، وأدركت أن ما تعلقت به من الآمال خرجت يدي منه خالية .
وقلبت أمري ولا أرى لي راحة **** إذا البين أنساني ألح بي الهجرُ
أي نظرت في أمري ولا أرى لدي راحة ، إذا الفراق أنساني ، يلح بي البعد .
فعدت إلى حكم الزمان وحكمها **** لها الذنب لا تجزى به ولي العذرُ
أي عدت إلى قولي بل أنتِ والدهر ونظرت في حكمها ، أنا معذور وهي المذنبة .
كأني أنادي دون ميثاء ظبية **** على شرف ظمياء جللها الذعرُ
أي كأني أنادي دون التلعة ظبية ، مكانها عالي رقيقة الجفون ، غطاها الخوف والفزع .
تجفل حينا ثم ترنو كأنها **** تنادي طلابا بالواد أعجزه الحضرُ
تمضي وتسرع حينا ، ثم تديم النظر بسكون
الطرف ، كأنها تنادي ولد الظبية بالواد عجز عن الركض ، أي أنادي هذه
الحبيبة لتدنو إلي وتترك هجري ، فتشرد مبتعدة ثم تنظر إلي كأنها تدعوني ،
فهي تشبه ظبية رقيقة الأجفان واقفة في مكان عال وقد شملها الذكر من
الصيادين ، فحينا تبعد وحينا ترنو للواد ، كأنها تنادي ولدا لها عجز عن
اللحاق بها .
فلا تنكريني يا ابنة العم إنه **** ليعرف من أنكرته البدو والحضرُ
أي لا تنكري معرفتي ، فإن من أنكرتيه تعرفه البدو والحضر .
ولا تنكريني إنني غير منكر **** إذا زلت الأقدام واستنزل النصرُ
أي لا تنكريني فأنا معروف ، إذا تعثرت أقدام الفرسان في الحرب لهولها ونزل عليهم النصر .
وإنني لنزال بكل مخوفة **** كثير إلى نزالها النظر الشزرُ
أي أنا أنزل بكل أرض مخوفة يكثر فيه الأعداء ، ينظر نظرة الغضبان المباغض .
وإني لجرار لكل كتيبة **** معودة أن لا يخل بها النصرُ
أي وأنا أجر كل جيش تعود أن لا يغيب عنه النصر .
فأظمأ حتى ترتوي البيض والقنا **** وأسغب حتى يشبع الذئب والنسرُ
أي أعطش حتى تشرب السيوف والرماح من الدماء ، وأجوع حتى تشبع الذئاب والنسور من لحوم القتلى .
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة **** ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذرُ
أي لا آتي صباحا على جيش رجاله غائبون ، ولم يبق منه إلا العاجزون والنساء ، دون أن أنذره ، فلا أغزو جيشا قبل أن أنذره .
ويا رب دار لم تخفني منيعة **** طلعت عليها بالردى أنا والفجرُ
أي رب دار لم تخفني ، طلعت عليها مع الهلاك أنا والفجر .
وحي رددت الخيل حتى ملكته **** هزيما وردتني البراقع والخمرُ
أي رجع عن الحي بعد أن استوى عليه ، ولم يسبِ النساء ولا هتك خدورهن .
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها **** فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعرُ
أي رب فتاة لقيتها بعد النصر آتية إلي تسحب أذيالها تبخترا لما هي عليه من النعمة ، فأحسنت لقاءها ولم أكن جافيا صعبا .
وهبت لها ما حازه الجيش كله **** ورحت ولم يكشف لأبياتها سترُ
أي أن هذه الفتاة جاءته متكلة على
شهامته ، تسأله أن يرد أموال الحي التي غنمها ، فوهبها كل ما حازه الجيش ،
وفارقها وهي مكرمة مصونة .
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى **** ولا بات يثنيني عن الكرم الفقرُ
أي لم يجعلني الغنى طاغيا ظالما مسرفا في المعاصي ، ولم يمنعني الفقر عن الكرم .
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره **** إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفرُ
أي وما هي حاجتي بالمال إذا لم أصن عرضي ؟
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى **** ولا فرسي مهر ولا ربه غمرُ
أي أسرت ولا سلاح معي في الحرب ، وفرسي مجرب في الحروب ، لا مهر حديث العهد بخوض المعامع
شرح قصيدة أراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني
أراك عصي الدمع شيمتـك الصبـر أمـا للهوى نهـي عليـك ولا أمـر
بلى، أنـا مشتـاق وعنـدي لوعـة ولكـن مثلـي لا يـذاع لـه سـر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهـوى وأذللت دمعا مـن خلائقـه الكبـر
تكاد تضيء النـار بيـن جوانحـي إذا هي أذكتهـا الصبابـة والفكـر
معللتي بالوصـل والمـوت دونـه إذا بت ظمآنـاً فـلا نـزل القطـر
حفظـت وضيعـت المـودة بيننـا وأحسن من بعض الوفاء لك الغـدر
ومـا هـذه الأيـام إلا صحـائـف لأحرفها، من كـف كاتبهـا، بشـر
بنفسي من الغادين في الحـي غـادة هواي لهـا ذنـب، وبهجتهـا عـذر
تروغ إلى الواشين فـي، وإن لـي لأذنا بها عـن كـل واشيـة وقـر
بدوت وأهلـي حاضـرون، لأننـي أرى أن داراً لست من أهلهـا قفـر
وحاربت قومي فـي هواك،وإنهـم وإياي، لولا حبك، المـاء والخمـر
فإن يك ما قال الوشـاة ولـم يكـن فقد يهدم الإيمـان مـا شيـد الكفـر
وفيت وفـي بعـض الوفـاء مذلـة لإنسانة في الحـي شيمتهـا الغـدر
وقور، وريعـان الصبـا يستفزهـا فتـأرن أحيانـا كمـا أرن المـهـر
تسائلني : من أنت ؟ وهـي عليمـة وهل بفتى مثلي علـى حالـه نكـر
فقلت لها: لو شئت لم تتعنتـي ولـم تسألي عنـي، وعنـدك بـي خبـر
فقالت: لقد أزرى بك الدهـر بعدنـا فقلت: معاذ الله بل أنـت لا الدهـر
وما كان للأحـزان لـولاك مسلـك إلى القلب، لكن الهوى للبلى جسـر
وتهلك بين الهـزل والجـد مهجـة إذا ما عداها البيـن عذبهـا الهجـر
فأيقنـت أن لاعـز بعـدي لعاشـق وأن يدي ممـا علقـت بـه صفـر
وقلبت أمـري لا أرى لـي راحـة إذا البين أنساني ألـح بـي الهجـر
فعدت إلى حكـم الزمـان وحكمهـا لها الذنب لا تجزى به ولي العـذر
فلا تنكريني يـا ابنـة العـم، إنـه ليعرف من أنكرته البـدو والحضـر
ولا تنكرينـي، إننـي غيـر منكـر إذا زلت الأقدام، واستنـزل الذعـر
وإنـي لـجـرار لـكـل كتيـبـة معـودة أن لا يخـل بهـا النصـر
وإنـي لـنـزال بـكـل مخـوفـة كثير إلـى نزالهـا النظـر الشـزر
فأظمأ حتى ترتوي البيـض والقنـا وأسغب حتى يشبع الذئـب والنسـر
ولا أصبح الحـي الخلـوف بغـارة ولا الجيش، ما لم تأته قبلـي النـذر
ويـا رب دار لـم تخفنـي منيعـة طلعت عليها بالـردى أنـا والفجـر
وحي رددت الخيـل حتـى ملكتـه هزيما، وردتنـي البراقـع والخمـر
وساحبـة الأذيـال نحـوي لقيتهـا فلم يلقها جافـي اللقـاء ولا iiوعـر
وهبت لها ما حـازه الجيـش كلـه ورحت ولم يكشـف لأبياتهـا ستـر
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنـى ولا بـات يثنينـي عـن الكـرم الفقـر
وما حاجتي بالمـال أبغـي وفـوره إذا لم أصن عرضي فلا وفر الوفـر
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ولا فرسي مهـر ولا ربـه غمـر
ولكن إذا حم القضاء علـى امـرئ فليـس لـه بـر يقيـه ولا بـحـر
وقال أصيحابي: الفرار أو الـردى؟ فقلت :هما أمـران أحلاهمـا مـر
ولكننـي أمضـي لمـا لا يعيبنـي وحسبك من أمرين خيرهما الأسـر
يقولون لي بعت السلامـة بالـردى فقلت أما والله، مـا نالنـي خسـر
وهل يتجافى عنـي المـوت ساعـة إذا ما تجافى عني الأسر والضـر؟
هو الموت فاختر ما علا لك iذكـره فلم يمت الإنسان مـا حيـي الذكـر
ولا خير في دفـع الـردى بمذلـة كما ردهـا يومـا بسوءتـه عمـرو
يمنـون أن خلـوا ثيابـي، وإنـمـا علي ثيـاب مـن دمائهمـو حمـر
وقائم سيـف فيهمـو انـدق نصلـه وأعقاب رمح فيه قد حطـم الصـدر
سيذكرنـي قومـي إذا جـد جدهـم وفي الليلـة الظلمـاء يفتقـد البـدر
فإن عشت، فالطعن الـذي يعرفونـه وتلك القنا والبيض والضمر الشقـر
وإن مـت فالإنسـان لا بـد ميـت وإن طالت الأيـام وانفسـح العمـر
ولو سد غيري مـا سـددت اكتفـوا به وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر
ونحـن أنـاس لا تـوسـط بينـنـا لنا الصدر دون العالميـن أو القبـر
تهون علينا فـي المعالـي نفوسنـا ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا وأعلـي ذوي العـلا وأكرم من فوق التـراب ولا فخـر
شرح اراك عصي الدمع
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر **** أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ ؟
أي أراك تعصى الدمع وتخرج من طاعته ، من أخلاقك الصبر ، أليس للحب أمر ونهي عليك ؟
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة **** لكن مثلي لا يذاع له سرُ
أي نعم أنا مشتاق وعندي حرقة في القلب ، لكن مثلي لا يفشى له سر .
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى **** وأذللت دمعا من خلائقه الكبرُ
أي إذا الليل أضعفني مددت يد الحب ، وأضعفت دمعا من صفاته العظمة والتجبر .
تكاد تضيء النار بين جوانحي **** إذا هي أذكتها الصبابة والفكرُ
أي تكاد تضيء النار بين أوائل ضلوعي تحت الترائب ، إذا هي أشعلها الشوق والتفكير .
معللتي بالوصل والموت دونه **** إذا مت ظمآنا فلا نزل القطرُ
أي أطمعتني بالوصل والموت دون ذلك ، إذا مت عطشانا وما نزل المطر .
بدوت وأهلي حاضرون لأنني **** أرى دارا لست من أهلها قفرُ
أي أتيت من البادية حيث هي الحبيبة ،
وأهلي مقيمون في الحضر ، لأني أرى الدار التي أنتِ لستِ منها ، أرضا لا
ماء فيها ولا ناس ولا كلأ .
وحاربت قومي في هواكِ وإنهم **** وإياي لولا حبكِ الماء والخمرُ
أي حاربت قومي لأجل حبكِ ، وإني لولا حبكِ لامتزجت بهم كما يمتزج الماء والخمر .
فإن كان كما قال الوشاة ولم يكن **** فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفرُ
أي إذا قال الوشاة أنني وفيت لإنسانة شيمتها الغدر ، فالحب الصادق يهدم ما بناه قول الوشاة .
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة **** لآنسة في الحي شيمتها الغدرُ
أي يقول الوشاة أني وفيت لإنسانة شيمتها الغدر ، والوفاء في ذلك مذلة .
وقور وريعان الصبا يستفزها **** فتأرن أحيانا كما يأرن المهرُ
أي رزنت وثبتت وأول الصبا يستخفها ، فتمرح أحيانا كما يمرح وينشط المهر .
تسائلني من أنت وهي عليمة **** وهل بفتى مثلي على حاله نكرُ
أي تسألني من أنت وهي تعلم ، وهل فتى على حالي من الشهرة أو اللوعة يجهل ولا يعرف ؟
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى **** قتيلك قالت أيهم فهم كثرُ
أي أجبتها بإرادتها وإرادة هواها ، أنا قتيلك ، قالت أي واحد منهم فهم كثيرون ؟
فقلت لها لو شئت لم تتعنتي **** ولم تسألي عني وعندك بي خبرُ
أي قلت لها إذا أردتِ لم تسأليني عن شيء يشق عليكِ ، ولم تسألي عني وعندكِ بي علم .
فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا **** فقلت معاذ الله بل أنتِ والدهرُ
أي قالت لقد حقرك الدهر ، فقلت معاذ الله بل أنتِ والدهر معا .
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق **** وأن يدي مما علقت به صفرُ
أي أن حبه لها قد حقره على عزته ورفعة قدره ، لذلك لا عز لعاشق لها بعده ، وأدركت أن ما تعلقت به من الآمال خرجت يدي منه خالية .
وقلبت أمري ولا أرى لي راحة **** إذا البين أنساني ألح بي الهجرُ
أي نظرت في أمري ولا أرى لدي راحة ، إذا الفراق أنساني ، يلح بي البعد .
فعدت إلى حكم الزمان وحكمها **** لها الذنب لا تجزى به ولي العذرُ
أي عدت إلى قولي بل أنتِ والدهر ونظرت في حكمها ، أنا معذور وهي المذنبة .
كأني أنادي دون ميثاء ظبية **** على شرف ظمياء جللها الذعرُ
أي كأني أنادي دون التلعة ظبية ، مكانها عالي رقيقة الجفون ، غطاها الخوف والفزع .
تجفل حينا ثم ترنو كأنها **** تنادي طلابا بالواد أعجزه الحضرُ
تمضي وتسرع حينا ، ثم تديم النظر بسكون
الطرف ، كأنها تنادي ولد الظبية بالواد عجز عن الركض ، أي أنادي هذه
الحبيبة لتدنو إلي وتترك هجري ، فتشرد مبتعدة ثم تنظر إلي كأنها تدعوني ،
فهي تشبه ظبية رقيقة الأجفان واقفة في مكان عال وقد شملها الذكر من
الصيادين ، فحينا تبعد وحينا ترنو للواد ، كأنها تنادي ولدا لها عجز عن
اللحاق بها .
فلا تنكريني يا ابنة العم إنه **** ليعرف من أنكرته البدو والحضرُ
أي لا تنكري معرفتي ، فإن من أنكرتيه تعرفه البدو والحضر .
ولا تنكريني إنني غير منكر **** إذا زلت الأقدام واستنزل النصرُ
أي لا تنكريني فأنا معروف ، إذا تعثرت أقدام الفرسان في الحرب لهولها ونزل عليهم النصر .
وإنني لنزال بكل مخوفة **** كثير إلى نزالها النظر الشزرُ
أي أنا أنزل بكل أرض مخوفة يكثر فيه الأعداء ، ينظر نظرة الغضبان المباغض .
وإني لجرار لكل كتيبة **** معودة أن لا يخل بها النصرُ
أي وأنا أجر كل جيش تعود أن لا يغيب عنه النصر .
فأظمأ حتى ترتوي البيض والقنا **** وأسغب حتى يشبع الذئب والنسرُ
أي أعطش حتى تشرب السيوف والرماح من الدماء ، وأجوع حتى تشبع الذئاب والنسور من لحوم القتلى .
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة **** ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذرُ
أي لا آتي صباحا على جيش رجاله غائبون ، ولم يبق منه إلا العاجزون والنساء ، دون أن أنذره ، فلا أغزو جيشا قبل أن أنذره .
ويا رب دار لم تخفني منيعة **** طلعت عليها بالردى أنا والفجرُ
أي رب دار لم تخفني ، طلعت عليها مع الهلاك أنا والفجر .
وحي رددت الخيل حتى ملكته **** هزيما وردتني البراقع والخمرُ
أي رجع عن الحي بعد أن استوى عليه ، ولم يسبِ النساء ولا هتك خدورهن .
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها **** فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعرُ
أي رب فتاة لقيتها بعد النصر آتية إلي تسحب أذيالها تبخترا لما هي عليه من النعمة ، فأحسنت لقاءها ولم أكن جافيا صعبا .
وهبت لها ما حازه الجيش كله **** ورحت ولم يكشف لأبياتها سترُ
أي أن هذه الفتاة جاءته متكلة على
شهامته ، تسأله أن يرد أموال الحي التي غنمها ، فوهبها كل ما حازه الجيش ،
وفارقها وهي مكرمة مصونة .
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى **** ولا بات يثنيني عن الكرم الفقرُ
أي لم يجعلني الغنى طاغيا ظالما مسرفا في المعاصي ، ولم يمنعني الفقر عن الكرم .
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره **** إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفرُ
أي وما هي حاجتي بالمال إذا لم أصن عرضي ؟
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى **** ولا فرسي مهر ولا ربه غمرُ
أي أسرت ولا سلاح معي في الحرب ، وفرسي مجرب في الحروب ، لا مهر حديث العهد بخوض المعامع