هو عبد الله بن عباس (رضي الله عنه ) بن عبد المطلب بن هاشم بن عم النبي (صلى الله عليه وسلم) ، حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير ، ولد ببني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)دائم الدعاء لابن عباس فدعاأن يملأ الله جوفه علما وأن يجعله صالحا. وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعمر ابن عباس لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة، وقد روي له 1660 حدبثا.
كان عبد الله بن عباس مقدما عند عثمان بن عفان و أبو بكر الصديق(رضي الله عنهم) ، ثم جعله علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) واليا على البصرة .
ولغزارة علم ابن عباس (رضي الله عنه) ، لقب بالبحر إذ أنه لم يتعود أن يسكت عن أمر سُئل عنه ، فإن كان الأمر في القرآن أخبر به ، وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخبر به ، فإن كان من سيرة أحد الصحابة أخبر به ، فإن لم يكن في شيئ من هؤلاء قدم رأيه فيه ، ومن شدة اتقانه فقد قرأ سورة البقرة وفسرها آية آية وحرفا حرفا .
ولشدة ايمانه أنه لما وقع في عينه الماء أراد أن يتعالج منه فقيل له: إنك تمكث كذا وكذا يوما لا تصلي إلا مضطجعا فكره ذلك.
وقد قال (رضي الله عنه) : سلوني عن التفسير فإن ربي وهب لي لسانا سؤولا وقلبا عقولا .
من أقوال الناس في الصحابي ابن عباس:
*قال طاووس : أدركت سبعين شيخا من أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) فتركتهم وانقطعت إلى هذا الفتى ، يقصد ابن عباس ، فاستـغـنـيـت به عنهـم .
*وقال مسروق : إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس ، فإن هو تكلم قلت أفصح الناس ، فإن هو حدث قلت أبلغ الناس .
*قال ابن عمر: ابن عباس أعلم الناس بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
*وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم كهل الفتيان.
*قال عطاء بن أبي رباح: ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس، لا أعظم جفنة ولا أكثر علما، أصحاب القرآن في ناحية، وأصحاب الفقه في ناحية، وأصحاب الشعر في ناحية، يوردهم في واد رحب .
*قال مجاهد: كنت إذا رأيت ابن عباس يفسر القرآن أبصرت على وجهه نورا.
توفي حبر هذه الأمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس سنة 68 هـ بالطائف ، وقد نزل في قبره وتولى دفنه علي بن عبد الله و محمد بن الحنفية و العباس بن محمد بن عبد الله بن العباس و صفوان ،و كريب ، و عكرمة ، و أبو معبد مواليه.
وقال حسان بن ثابت الانصاري في عبد الله بن العباس:
اذا قال لم يترك مـقـالا لـقـائل
بمنتظمات لا ترى بينها فـصـلا
كفى وشفى ما في النفوس ولم يدع
لذي إربة في القول جدا ولا هزلا
سموت إلى العليا بغـير مـشـقة
فنلت ذراها لا دنـيا ولا وغـلا
كان عبد الله بن عباس مديد القامة جيد الهامة، مستدير الوجه، جميله أبيضه، وليس بالمفرط البياض، سبط اللحية، في أنفه قنى، معتدل الجسم، وكان أحسن الناس عينا قبل أن يكف بصره، وكف قبل موته بست سنين أو نحوها.