الشيب المبكر ظاهرة تغزو رؤوس الشباب
التوتر والقلق والضغوط النفسية تعجل بظهوره
الشيب المبكر أصبح مشكلة تؤرق الشباب من الجنسين، خاصة ممن لم تتعد
أعمارهم العشرين، ورغم أن السبب الرئيسي لهذه المشكلة غير معروف على وجه
الدقة حتى الآن، إلا أن من أكثر العوامل التي تؤدي إلى ظهور الشعر الأبيض
هو تكرار التعرض للقلق والتوتر والضغوط النفسية، وقبل هذه العوامل يأتي
الاستعداد الوراثي .
دكتور محسن سليمان -أستاذ الأمراض الجلدية والتجميل بطب قصر العيني- يرى
أنها ظاهرة بالفعل لم تكن موجودة منذ ثلاثة إلى أربعة أجيال ماضية، ويرى
أن أهم أسباب هذه الظاهرة التي يشكو منها نسبة كبيرة من الشباب في سن
مبكرة، هو العامل الوراثي، حيث تنتقل هذه الصفة إلى الأبناء وتظهر بشكل
أكبر في الذكور، وغالبا ما تظهر على مقدمة فروة الرأس، وقد يصاحبها بقع
فاتحة اللون بالجلد .
كما أن العيش تحت ضغوط من التوترات النفسية والعصبية يعمل على ظهور شعيرات
أو خصل بيضاء في شعر الرأس، ورغم أن هذا التأثير محدود في الشعر إلا أنه
في حالات نادرة قد يظهر شعر الشيب فجأة ليشمل معظم الرأس، كما هو الحال
عند التعرض للصدمات العصبية الحادة أو الخوف الشديد، وتفسير هذه الظاهرة
بأن تلك المؤثرات تؤدي فعلا إلى ظهور الشعر الأبيض، نتيجة توقف نشاط
الخلايا الملونة، وتسبب كذلك تساقط الشعر الملون بنسبة كبيرة حيث يظهر
بعدها الشعر الأبيض متفوقا في العدد على الشعر الملون، وإذا استمر تأثير
تلك العوامل فإنما يتبقى من الشعر الملون يتحول إلى شعر أبيض، وبهذا يبدو
شعر الرأس أبيض اللون، كما وجد أن الخلل في الهرمونات يؤثر في سرعة ظهور
الشيب، كما هو الحال عند نقص إفرازات الغدة النخامية التي تنشط إفرازاتها
الخلايا الملونة، فإذا نقصت إفرازات تلك الغدة فإن الشعر يفقد اللون، كما
أن النقص في إفرازات الغدة الدرقية يؤدي إلى ظهور الشعر الأبيض كذلك، كما
تؤدي الإصابة ببعض الأمراض مثل مرض الثعلبة، وهو التساقط الموضعي للشعر؛
إذ تظهر مناطق من فروة الرأس خالية من الشعر نتيجة عوامل مختلفة، وعندما
تستعيد البصيلات نشاطها فقد يحدث أحيانا أن تبقى الخلايا الملونة خاملة
ولا تعطي الشعر اللون الطبيعي، لهذا يظهر الشعر الذي نما في تلك المنطقة
غير ملون، وكذلك الإصابة بمرض البهاق، ويحدث مرض البهاق عندما تفقد
الخلايا الملونة بالجلد مقدرتها على إفراز المادة الملونة، وبهذا تظهر
مناطق من الجلد بيضاء اللون، وإذا حدث نفس المؤثر في فروة الرأس فإن الشعر
يفقد لونه الطبيعي كذلك، ويصبح أبيض اللون، وكذلك التعرض للحرارة الشديدة
أو التعرض المستمر للأشعة السينية، واستخدام صبغات الشعر والكريمات
الرديئة قد يؤدي إلى ظهور الشعر الأبيض .
ويضيف دكتور محسن سليمان أن الشيب المبكر يرجع أحيانا نتيجة الإصابة ببعض
الأمراض مثل البهاق الجلدي ويحدث فيه اضطراب داخلي يؤدي إلى ظهور خلايا
مهاجمة لخلايا اللون، حيث إن خلايا اللون في الجلد تظل تعمل طوال العمر،
لكن الخلايا الملونة في الشعر تعمل لمدة من 3 - 5 سنوات حيث إنها تحقن
الشعر باللون المستمر له .
وقد دلت الدراسات أن الأسباب الرئيسية لتوقف هذه الخلايا عن العمل منها ما
هو معروف مثل العامل الوراثي، والعامل النفسي، وتقدم العمر، وكذلك الهزال
والضعف البدني العام، بالإضافة إلى سوء التغذية الناتج عن نقص بعض العناصر
الغذائية مثل النحاس وحامض الفوليك وفيتامين (ب) المركب بأنواعه، وكذلك من
الأسباب الأخرى التعرض لحرارة عالية، والإصابة بالملاريا، وفقر الدم،
والاختلال في إفرازات الغدة الدرقية، كلها مسؤولة عن بعض حالات الشيب
المبكر وظهور الشعر الأبيض .
ومن أسباب الشيب المبكر أيضا التهاب اللثة والأسنان المتكرر، وقشرة الشعر،
وأمراض التوتر العصبي، وظاهرة انتشار الشعر الأبيض في مرضى الأعصاب أكثر
وضوحا من غيرهم، وكذلك في حالة الشلل النصفي حيث يظهر الشعر الأبيض في
النصف المشلول من الجسم .
وعلاج الشيب المبكر يكون في تجنب الأسباب التي أدت إلى حدوثه، والعلاج
المبكر للأسباب هو الاهتمام بالصحة العامة والاهتمام بنظافة الشعر وتغذيته
وإزالة البؤر الصديدية بالجسم، مثل التهاب اللوزتين، وعلاج الإمساك والغدة
الدرقية وتنظيم إفرازها مع تدليك فروة الرأس، والإكثار من تناول فيتامين
(ب) المركب لفترات طويلة يؤدي إلى الإقلال من حدوث الشيب المبكر، وضرورة
الشعور بالاستقرار النفسي حيث إنه من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقليل
ظهور الشيب المبكر.
ويرى دكتور محمد عامر -أستاذ الأمراض الجلدية ورئيس كلية طب الزقازيق
السابق- أن الشيب عملية فسيولوجية تحدث عادة عند التقدم في العمر، وذلك
عندما لا تستطيع الخلايا الملونة أن تفرز مادة (الميلانين)، وهي المادة
المسؤولة عن إكساب الشعر اللون والتي تعطي الشعرة الملونة الاستمرار في
نشاطها، إذ تفقد الشعرة لونها وتصبح بيضاء، وهذا ما يسمى بالشيب، وظهور
الشيب على شعر الرأس أو الوجه لا يعني مطلقا التقدم بالسن، فقد يظهر قبل
البلوغ، ووجد أن الاستعداد الشخصي والعوامل النفسية والوراثية لهما أثر
مهم في ظهور الشيب، وتجب الإشارة الى أن بعض حالات الشيب المبكر تكون
مؤقتة، إذ قد تعاود الخلايا الملونة نشاطها مرة أخرى خاصة بعد زوال المؤثر
وبالتالي يعود لون الشعر إلى وضعه العادي، ويحدث هذا أحيانا في أمراض
الحميات ومرض الثعلبة .
وينقسم الشيب إلى نوعين هما الشيب نتيجة للتقدم في العمر، ويحدث بعد مرور
السنين نتيجة تناقص عدد الخلايا الصانعة للميلانين، مما يتسبب لظهور الشعر
باللون الأبيض لون المشيب المهيب. بالإضافة إلى ازدياد الجيوب الهوائية
الموجودة بين خلايا قشرة الشعر نفسها، وهذا الهواء بما يحتويه من أكسجين
قادر على أكسدة الميلانين الموجود في خلايا قشرة الشعر وتحويلها إلى مادة
عديمة اللون أي ابيضاض الشعر، أما النوع الثاني فهو الشيب المبكر، ويحدث
نتيجة تدهور وموت الخلايا الملونة بالشعر، وأول ما يظهر هذا النوع من
الشيب على جانبي الرأس، ثم يمتد بعد فترة إلى وسط الرأس، أما المناطق
المقاومة للشيب فهي مؤخرة الرأس، والتي نادرا ما يظهر الشيب فيها .
ويبدأ الشيب في الظهور في جذع الشعرة، ومن أخطر أنواع الشيب هو الذي يحدث
بسرعة وبفترة زمنية قصيرة قد لا تتعدى ساعات قليلة نتيجة التعرض لضغوط
نفسية أو لحوادث عصبية وقاسية، وهنا يظهر على شكل دوائر حلقية يغطي كل
فروة الرأس وبطول الشعرة كلها .
وأوضحت الأبحاث الطبية أن هناك أكثر من حوالي 26 حالة من هذا النوع، وأشهر
هذه الحالات التي يذكرها التاريخ حالة (ماري أنطوانيت) في أثناء الثورة
الفرنسية، التي قررت الثورة إعدامها بالمقصلة، وفي يوم التنفيذ (أكتوبر
1793) لم يعرفها الناس، حيث إن شعرها تحول خلال ساعات إلى اللون الأبيض
نتيجة الفزع والشد العصبي العنيف، أما الابيضاض المفاجئ للشعر في غضون
ساعات فربما يكون ناتجا من إفراز إنزيمات سريعة الانتشار قادرة على أكسدة
كمية الميلانين في الشعر بسرعة فائقة، هذه الإنزيمات تفرز مباشرة في الدم
نتيجة الاضطرابات النفسية، والسبب الرئيسي الذي يؤدي إلى ظهور اللون
الأبيض هو توقف الخلايا الملونة في بصيلة الشعر عن تكوين الميلانين .
المصدر / الصحة والطب - جريدة الخليج