معظم الرياضات تمارس في الملاعب والساحات والقاعات المجهزة، أما رياضة الغوص فهي تمارس في أعماق البحار حيث يشاهد الغوّاص عالما من المشاهد والكائنات لا نراها أبدا فوق سطح الأرض.
الغوص.. والغطس
يخلط الكثيرون بين الغوص والغطس، والحقيقة أنهما ليسا شيئا واحدا، فالغطس رياضة أوليمبية يمارسها اللاعبون بالقفز في الماء من ارتفاعات مختلفة، ويقومون بحركات رياضية رشيقة في الهواء قبل وصولهم إلى سطح الماء، ثم يغطسون وهم يوجهون أيديهم ورؤوسهم نحو الماء، ثم يخرجون بعد ذلك دون أن يقضوا وقتا طويلا تحت الماء. أما الغوص الذي نتكلم عنه الآن فهو رياضة تمارس تحت سطح البحر، ويحتاج من يمارسونها لأجهزة خاصة تمكنهم من البقاء تحت الماء لمدة طويلة، وهم يهتمون بمشاهدة الشعاب المرجانية والأسماك والأحياء المائية المختلفة والتقاط الصور والأفلام لها. كما يكون الغوص أحيانا لأغراض أخرى متعددة في الحياة العملية.
التنفس تحت الماء
تتنفس الأسماك تحت الماء بواسطة الخياشيم التي تمتص الأوكسجين الذائب في الماء، ولكن الإنسان لا يملك مثل هذه الخياشيم، ولذلك فهو لا يستطيع البقاء طويلا تحت الماء بدون وسيلة توفر له الأوكسجين، وهذه الوسيلة هي أسطوانة تحتوي على هواء مضغوط، يحملها الغواص على صدره، وتتصل بفمه بواسطة خرطوم يمده بالهواء المحتوي على الأوكسجين، ويخرج الزفير المشبع بثاني أكسيد الكربون ليذوب في الماء، وهناك أجهزة أحدث تقوم بتقنية هواء الزفير كي يُعاد استعماله في التنفس من جديد، وبذلك تطول المدة التي يستطيع الغواص أن يقضيها تحت الماء، وتُستخدم هذه الأجهزة الحديثة للأغراض العلمية والعسكرية وللتصوير تحت الماء أكثر مما يستخدمها الهواة.
ملابس من المطاط
يتعرض جسم الإنسان تحت سطح الماء لضغط عال جدا يزداد كلما ازداد العمق والابتعاد عن السطح. هذا الضغط المرتفع يسبب أضرارا للرئتين والأذن الوسطى والجيوب الأنفية، لذلك يرتدي الغواصون ملابس خاصة من المطاط تقاوم هذا الضغط. من ناحية أخرى فإن قدرة الماء على امتصاص حرارة جسم الإنسان تزيد عن قدرة الهواء بحوالي 25 مرة، مما يصيب جسم الإنسان ببرودة تجعل أطرافه غير قادرة على العمل. وتقوم الملابس المطاطية بدور <<العازل>> الذي يمنع تسرّب حرارة الجسم إلى الماء، كما تقوم بحماية الجسم من الجروح والإصابات التي قد تنتج عن الاحتكاك بالصخور أو الشعاب المرجانية أو التعرض لإصابات تسببها بعض الأحياء المائية.
الهبوط والصعود
عند خروج الغواص من الماء ينتقل من التعرض لضغط الماء المرتفع تحت سطح الماء إلى ضغط الجو الطبيعي، وهذا يُعرّض لحالة مرضية خطيرة، لذلك يصعد الغواص إلى السطح تدريجيا بحيث لا يحدث هذا الانتقال بشكل فجائي. وهناك أجهزة حديثة يستعين بها الغواصون تحدد لهم السرعة المناسبة للصعود. من ناحية أخرى يحتاج الغواص لأن يتحكم في عملية الهبوط إلى المياه العميقة والصعود منها، وفي حالة الهبوط يساعده وزن جسمه والمعدات التي يحملها معه، أما عند الصعود فهناك وسائل متعددة تساعد الغواص على الطفو إلى السطح، ومن هذه الوسائل أن يحقن بدلة الغوص بكمية من الهواء فيخف وزن الجسم ويرتفع إلى أعلى.
الغوص.. متعدد الأغراض
تحدثنا عن الغوص كرياضة وترفيه، ولكنه يُستخدم أيضا في أغراض عملية كثيرة تحتاج إلى تدريب طويل شاق وخبرة علمية، فالغواصون يشاركون في استكشاف أعماق البحار للبحث عن النفط والغاز، وفي إقامة المنشآت الخاصة بهم وصيانتها، كما تحتاج المؤسسات العلمية لاستكشاف أعماق البحار لأغراض كثيرة مثل دراسة الأحياء المائية أو البحث عن الآثار، أو دراسة قاع البحار والمحيطات، وفي هذه الحالات يكون الغواصون من العلماء المتخصصين في هذه المجالات، أما الأفلام السينمائية والتلفزيونية التي يتم تصويرها تحت الماء فهي تحتاج إلى فنانين يجيدون الغوص والتصوير السينمائي في نفس الوقت، أما الغواصون التابعون للجيوش والأساطيل فهم يقومون بمهام متنوّعة مثل التجسس وزرع الألغام.