إن من أقدس المشاريع ، وأكبرها ، وأجلّها خطرا على مسيرة الأمم والأفراد ، هو تكوين ما يسمى بـ ( العش الزوجي ) الذي يتفرّع عليه - على مدى القرون المتمادية - ترعرع آلافٍ من الأجيال البشرية التي قد تكون حصيلة زواج واحد ، كالمليارات البشرية التي عاشت على وجه الأرض كبركة للزواج الأول ، المتمثل بزواج أبوينا آدم وحواء ..ولطالما اتفق أن أثمر فساد العلاقة بين زوجين محدّدَين - وما يترتب عليها من فساد التربية - انحراف جيل بشرى كامل
ومن المعلوم أن أسرار اقتران روحين متفاوتين ، لا تدرك إلا بالملاحظة الدقيقة ، التي قد لا يلتفت إليها الزوجان ، إلا بعد فوات الأوان وفقدان التحكم على سير الأمور ، بتفسخ العلاقة بين الزوج والزوجة من جهة ، وبينهما وبين الأولاد من جهة أخرى .. وعليه فلا بد من نقل ثمرات تجارب الخطأ والصواب ، وما يستفاد من الروايات والأخبار ، لتحكيم أواصر تلك الحياة الكريمة .. فإلى صاحبَـي ذلك ( العش السعيد ) أهدي بعض هذه النقاط:
(1) واقع الزواج
الالتفات إلى أن واقع الزواج ، هو التزاوج بين النفوس ، لا الأبدان فحسب .. فإن الآية الكريمة تفيد أن الغاية هي السكون ، وأن المجعول هي المودة والرحمة ، ولم تتطرق للعلاقة البدنية بشكلٍ مباشر ، وإن كان إشباع الجانب الغريزي من موجبات السكون أيضا .. ومن هنا يُعلم أن التزاوج النفسي يحتاج إلى بلوغ خاص ، وأن عدم الوصول إلى مرحلة الرشد والبلوغ النفسي في هذا المجال ، قد يكون من موجبات انتكاس الحياة الزوجية ، حتى عند الإلتزام ببعض الظواهر الشرعية ، إذ أن الالتزام الشرعي التقليدي ، قد لا يلازم حتماً مرحلة الرشد والوعي لمفردات الحياة الزوجية .. وقد أفردت كتب الحديث أبوابا واسعة لقيمة العقل ( الذي يمثل رصيد الرشد والبلوغ ) في قرب الإنسان من الحق المتعال ، بل نجاحه في حياته الدنيا والأخرى .
(2) المرأة تطلب لأمور
إن المرأة تطلب عادة لأمور منها : الاستمتاع الغريزي ، وتدبير شؤون المنـزل ، والتناسل ، والانس والإرتياح النفسي .. ومن المعلوم أن الأول يقل عنفوانه بتقدم العمر والأفول التدريجي للجمال ، أو وجدان الرجل من يستمتع بها غير زوجته .. وأما الثاني فإن من الممكن أن يقوم به الغير .. وأما الثالث فإن له أمد ينتهي بسن اليأس أو إعراض الزوج عن النسل .. وأما الرابع فقد يفقد بريقه بتكرار التعامل والمواجهة الرتيبه ، إذ أن لكل جديد بهجة ، ومن هنا يتحتم إضافة عنصر آخر يتمثل في : الإحساس بالمسئولية تجاه الرعية ، وفي أن الزوجة أمانة من الحق المتعال أودعها - إلى أجل مسمىً - بيد الزوج ، وهو مسؤول عنها إلى آخر العمر ، بل إلى يوم الحساب ، يوم يُنادى المرء :{ وقفوهم إنهم مسؤولون }.. وقد روي عن النبي (ص) انه قال :{ أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا وأنا ألطفكم بأهلي }.
(3) خلود الحياة الزوجية
الاعتقاد بأن الحياة الزوجية عند المؤمن لا تنتهي بانتهاء الحياة الدنيا ، بل أن المرأة الصالحة تلتحق بالزوج مع أبنائها ( بشرط الصلاح ) في الجنة بمقتضى قوله تعالى :{جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } و { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } .. إن هذا الإحساس بالاستمرارية ، بل الخلود في العلاقة الزوجية بلوازمها ، يضفي على الحياة الزوجية رباطاً لا ينفصم بتقادم الدهور والأعوام .
(4) مباركة الحق لحياة الزوجية
إن من أهم عوامل التجاذب الروحي بين الزوجين - إضافة إلى سعي كل منهما في إيجاد موجبات ذلك التجاذب - هي مباركة الحق المتعال لتلك العلاقة ، ولهذا يسند الحق المتعال التوفيق إلى نفسه ، عند إرادة الإصلاح من الزوجين بقوله : { إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } .. ومن هنا كانت الاستقامة العملية للزوجين في ساحة الحياة - داخل البيت الزوجي وخارجه - من موجبات نظرة الحق المتعال لهما ، مع ما تستتبعها من الألفة والثبات في العلاقة الزوجية .
(5) الوصف الإيماني لا الشخصي
إن من الضروري أن ينظر كل من الزوجين إلى الآخر بوصفه الإيماني لا بوصفه الشخصي .. فإن عدم وجود الرقابة البشرية داخل البيت ، وانفراد كل منهما بالآخر في كثير من الساعات ، يهيئ الأرضية للتعدي وتجاوز الحدود ، إذ أن الإحساس بالرقابة الإلهية المتصلة من موجبات الالتزام بالحدود والقيود ، وإن غاب الرقيب البشريّ .. وقد أكّد الحق تعالى هذه الحالة من الرقابــة بقوله : { والله يسمع تحاوركما } .
(6) تحديد تحرك المرأة
إن من الأفضل - بل المتعيّـن في بعض الحالات - تحديد تحركات المرأة ، وخاصة في ما لو استلزم التعامل المريب مع الرجال ، إذ أنها قد تفتقد بذلك تفرّغها لما هي أهم لهـا و أقرب إليها من شؤون الزوج والأولاد ، بل قد تفقد في بعض الحالات أنوثتها من خلال الاحتكاك المستمر بعنصر الرجال ، وهو ما نشاهده بوضوح في بعض البيئ المختلطة ، وخاصة مع ضعف الروادع الدينية .. ولا ننسى القول : أن للضرورات أحكامها ، إلا أنها تتقدّر بقَدَرها .
(7) الثابت والمتغير في السعادة
ينبغي التركيز على أن الثابت والمؤثر في سعادة الزوجين هو جانب الدين والأخلاق ، فهما العنصران المتحركان في تنظيم العلاقة بين الزوجين ، بل هما العنصران المتجددان اللذان لا يوصفان بالبِـلى والقِـَدم .. وأما الجمال فهو أمر نسبي ، تألفه العين في درجاته المختلفة ، وعليه فإن المطلوب هي نسبة مقبولة من التناسب في المظهر الخارجي .. ولا شك في أن الإقدام على الزواج من المنطلقات الإيمانية مما يوجب مباركة الحق المتعال لذلك الإرتباط المقدس ، كما نلاحظه من خلال التجارب المختلفة .
( الجميلة والمليحة
ينبغي التفريق بين الجاذبية الباطنية ( والتي لهـا معادلات غير معروفة بشكل واضح ) وبين الجاذبية الشكلية ، ولهذا يفرقون بين المليحة والجميلة .. ومن المعلوم أن الأول نوع جمال يستند إلى الخصال الباطنية ، التي لو اكتملت في فردٍ ، قذف الله تعالى محبته في قلوب الآخرين ، كما هو مشاهدٌ بالوجدان .
(9) التوافق الثقافي
لا مانع من الزواج فيما لو كان الزوجان في سنين متطابقة أو متقاربة ، مع وجود شيئ من التوافق الثقافي والمزاجي .. فالملحوظ أن الفارق الشاسع بين مستوى الزوجين في المجال العلمي والثقافي ، مما يوجب شيئاً من الارباك في الحياة الزوجية ، لعدم وحدة لغة التفاهم والتخاطب بينهما ، مما يعمّق هوة الخلاف عند أدنى مثير في الحياة الزوجيّة .
(10) اختيار مدرسة للاجيال
اختاروا لنطفكم فان العرق دسّاس .. فمن أجل سلامة الجيل الذي سينتج من الزواج لا بد من الاختيار الدقيق لمن تكون مدرسة للاجيال اللاحقة .. فعليه فلا بد من النظر إلى الزوجة ، على أنها هي المربية لأفلاذ كبد الانسان ، فحب الانسان لذريته - وهو أمر فطري أصيل - يستلزم حسن الإنتقاء لمن ستربـي هذه الذرية التي هي من الصدقات الجارية بعد الوفاة .
(11) قيمومية الرجل
إن قيمومية الرجل على المرأة لا تعني التحكم المطلق والتعسف في إدارة شؤون الأسرة .. فالولاية المطلقة إنما هي لله تعالى ولمن جعلها لهم .. فلا بد من استعمال الرجل - كأمين مفوَّض لا كحاكم مطلق - لتلك الولاية في الحدود التي يراها الشارع المقدس ، وهو مطروح بتفصيل في كتب الفقه يحسن بالزوجين مراجعتها .
(12) من اسباب تعجيل الطلاق
إن من الصفات التي تعجل المشاكل الزوجية ومن ثَـمّ الطلاق بين الزوجين هي :
الحدّة في المزاج - التسرع في الحكم - عدم الإحساس بلزوم التعبد الشرعي - عدم القناعة بما قسم الله تعالى - الحسد والنظر إلى ما في أيدي الآخرين من المتاع .
(13) القابلية لا الرصيد
إن المهم في الزوج هو قابليته لتدبير المعيشة من جهة الكفاءة والقابلية ، وليس من المهم - بعد ذلك - رصيده الفعلي ، فان الحق المتعال تكفّل فيما تكفل ، بإغناء الزوجين وذلك في قوله تعالى : { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} .
(14) تحاشي ساعة الغضب
إن من الساعات التي يتسلط فيها الشيطان على الزوجين هي ساعة الغضب ، فعلى الزوجين في مثل هذه الحالة - ولا تخلو منها حياة زوجية - من تحاشي إتخاذ أي قرار ، أو عمل ، أو قول يعمق الشرخ بينهما ، ويورّثهما الشحناء و البغضاء ، وإن اصطلحا بعد ذلك .
(15) آثار الطلاق
إن التهديد بالطلاق - عند اشتداد الأزمة بين الزوجين - مما لا ينبغي التفكير فيه ، فضلا عن التفوّه به من أحد الطرفين .. فإن جَعْل الطلاق هو طريق الخلاص الوحيد ، مما لا يقرّ به عقل ولا شرع ، وقلّما أورث الراحة والخلاص من الهموم ، وخاصة مع انعكاس تبعات هذه الحالة على الأولاد ، وكذلك تفاقم الحالات النفسية بين الزوجين حتى بعد الطلاق ، إذ أن هذا التاريخ الطويل من المعاشرة - بما فيه من أفراح وأتراح - مما لا ينسى بكلمتين أمام شاهدين عادلين .
(16) تحاشي الخلاف العلني
تحاشي الشجار وإبراز الخلافات الزوجية الخاصة في الوسط العائلي ، سواء كان ذلك أمام الأرحام والأولاد .. إذ أن إحساس الأولاد بعدم الاستقرار في حياة أبويهما ، مما يزعزع حالة الاطمئنان بالمستقبل ، أضف إلى سريان التفاعل اللاشعوري بمضاعفات تلك الخلافات ، إلى حياتهم في المستقبل ..كما أن إبراز الخلاف أمام الأرحام ، مما يوجب شيئا من المهانة لأحدهما ، لا يجبره حتى الاعتذار .
(17) الخلاف يسلب التركيز
إن انشغال الفكر بالهموم والخلافات العائلية ، يسلب الذهن حالة التركيز في القضايا المصيرية الأخرى : كخدمة المؤمنين ، وإرشاد الجاهلين ، ومتابعة شؤون الأولاد في دراستهم وعبادتهم ، والعمل بما يكون زادا له في سفره الطويل الموحش والذي طالما شغل بال أولي الألباب ، إذ أن التقرب إلى الحق المتعال ، يحتاج إلى بيئة خالية من الشوائب والمزعجات ، وخاصة تلك التي تجرّ الزوجين إلى المعصية : كالغيبة ، والبهتان ، والفحش في القول .
(18) الاحتكام إلى الشرع
ينبغي للزوجين الاحتكام إلى الشرع وأهله فيما شجر بينهما من خلاف ، وليست لهم الخِيَرة بعد ذلك ، وهو معنى قوله تعالى : { حتى يحكّموك فيما شجر بينهم }.. ومن المعلوم أن انعدام هذه الحكمية ، يجعل الزوجين يعيشان في دوامة لا نهاية لهـا ، فإذا لم يرتضيان الشرع حَـكَما ، فيا ترى من هو الحكم ؟!.
(19) تأمين الزوج للنفقة
إن على الزوجة أن تلتفت إلى أن من مهام الزوج هو تأمين نفقة البيت الزوجي ، وهذا بدوره يستلزم أحياناً كثيرة ، الدخول في معترك الحياة ، وحمل هموم جلب المعيشة ، بما فيها من منغصات وآلام .. فعلى الزوجة أن تلتفت إلى أن هذا الجهد المبذول ينبغي أن يُشكر من خلال الإحترام ، وتهيئة الجو العائلي السعيد ، كما أن على الزوج أن يلتفت إلى انفراد الزوجة بتبعات الحمل والولادة للطفل الذي هو منتسب إليهما معاً .
(20) تزيّن المرأة والرجل
إن تزيّـن الزوجة لزوجها وإتقانها لواجباتها الزوجية ، من عناصر إجتذاب الزوج إلى ما أحلّه الحق المتعال ، وبالتالي إبعاده عن البدائل المحرمة ، والأمر كذلك في جانب الزوج الذي يرى نفسه غير مكلف بالتزيّن لزوجته ، وكأن ذلك من خصائص النساء فحسب .
(21) مناقشة القضايا
إن من المناسب تعيين ساعة من ليل أو نهار ، لمناقشات قضايا الأسرة بشكل هادئ وهادف بعيدا عن التوتر وفرض الآراء ، فإن للزوجة رأيها في الأمور كما أن للزوج كذلك .. والأفضل هو التوفيق بين الآراء المتنافرة مهما أمكن ، للابتعاد عن سلبيات فرض الرأي من دون قناعة .
(22) موقع الزوج في الهداية
إن للزوج دورا مهما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لـما أوتي من موقع متميز في داخل العائلة .. فعليه أن لا ينسى هذا الدور الذي يحث عليه القرآن من خلال قوله تعالى :{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها }.
(23) الضوابط لصالح الزوجين
إن التزام الزوج بالضوابط الشرعية في النظر والحديث مع الأجنبيات ، وكذلك المرأة في تحاشي موجبات الإثارة مع الأجانب ، مما يعزز سلامة البيت الزوجي .. فلطالما أوجب الإنفلات من القيود الشرعية في الجانبين ، إلى الوقوع في الرذائل المحرمة والتي هي بمثابة الضربة القاضية للحياة الزوجية .
(24) عدم توقع المثالية
إن على الزوج أن لا يتوقع الحالة المثالية من الزوجة وكذلك العكس ، فإن فوق كل ذي علم عليم ، فكما أن الزوج لم يتزوج بالزوجة المثالية ، فكذلك الزوجة فإنهالم تتزوج بالزوج المثالي .. وعليه فقد يصادف أحدهما من هو أفضل للآخر أثناء حياته ، ولكن هذا لا يعني أبدا أن يتمنى العبد ما لم يُقدّر له فيه رزقا .
(25) الآداب قبل الزواج وبعده
إن من المناسب ملاحظة الزوجين للآداب الواردة في الشريعة : قبل إنعقاد النطفة ، وحين الزواج ، وبعد الحمل ، وعند الولادة ، وحتى عند الإرضاع .. فإن لهذه الآداب تأثيرات كبرى على المستقبل التربوي للوليد .
(26) اقتصاد الزوجة
إن حسن إدارة الزوجة لمتطلبات المنـزل سوف يوفّر على الزوج كثيرا من التبعات المالية ، أضف إلى توقّي الإسـراف والتبذير مما منيت بهما المجتمعات المترفة ، وهما من أهم عوامـل سلب النعـم .
(27) سرعة الاعتذار
إن الإنسان بطبيعته خطّـاء غير معصوم من الزلل ، ولا يفترق في ذلك ذكر أو أنثى ، فالمهم في الزوجين أن يسارع كل منهما إلى الاعتذار اللائق عند صدور خطأ مقصود أو غير مقصود ، ولا شك أن المغفرة الإلهية مترتبة على تصفية حقوق المخلوقين ، كما أن أذى الخلق - في بعض الحالات - يسبب أذى الحق المتعال ، والذي يترتب عليه اللعن في الدنيا والآخرة .
(28) عدم الموعظة حال الغضب
إن الموعظة والهداية في حال الغضب ، تذهبان أدراج الرياح ، بل قد تزيدان المخاطب عتوّا وعناداً ، وعليه فلا معنى للموعظة في حال الغضب وهيجان أحد الزوجين أو كليهما .. وقد رفعت بعض النصوص التكليف بالنهي عن المنكر أمام صاحب السوط!! .. فليتحيّـن الزوجان الساعة المناسبة لإبداء الملاحظات التي لا بد من إبدائها .
(29) الاهداء سنة محمودة
إن الإهداء سنة محمودة يعمّق حالة المودة والألفة بين الزوجين .. فكم من الجميل أن يهدي كل من الزوجين الآخر ، ما يلائم المناسبة المختصة بكل منهما !! .. ولا شك في أن النظر إلى تلك الهدية - وخاصة إذا بقيت كذكرى لهما - مما يجدّد العواطف التي اكتنفت تلك المناسبة ، وذلك الإهداء .
(30) القناعة بما قسم الله تعالى
إن نظرة الزوجة لمستوىً معيشي أرقى من رتبتها وقدرات زوجها ، يجعلها لا تعيش حالة الشكر من النعمة التي هي فيها ، وعليه فإن الزوجين اللذين يخشيان على أنفسهما تخلل حالة الكفران في وجودهما ، أن يتحاشيا معاشرة من توجب معاشرتهم تلك الحالة .. هذا كله فضلا عن معاشرة اللذين يخشى من معاشرتهم على فساد الدين وانحراف الخلق القويم ، ولطالما جرّت معاشرة واحدة ويلات على الزوجين ، لم تنته إلا بالفراق .
(31) ترويح الزوجة
إن استغراق أوقات الزوجة في إدارة شؤون المنـزل بين جدرانٍ أربع ، يورثها شيئا من التبرّم وضيق الصدر و المزاج ، خلافا للزوج الذي له مجال واسع في التحرك .. وعليه فإن من الإنصاف أن يدخل الزوج على زوجته جوا من التغيير والترويح ، المتمثل في سفرة إلى أحد الديار المقدسة ، أو رحلة قصيرة هادفة خالية من التبعات والآثام .
(32) التثقيف الذاتي
إن وجود مكتبة صوتية وغيرها من الكتب والمجلات النافعة توفّر فرصة جيدة لتثقيف الزوجين - بنفسيهما - في أوقات الفراغ ، وخاصة مع ضعف الوسائل العامة في تأمين الثقافة النافعة ، بل مساهمتها في بعض الحالات في تفتيت العش الزوجي ، من خلال عرض ما يوجّه كل من الزوجين إلى عالم الانحراف المناسب لكل منهما .
(33) مراقبة الزيارات العائلية
إن الزيارات العائلية ينبغي أن تراعى فيها القيود الشرعية من عدم الاختلاط المريب ، إضافة إلى عدم التفاعل المشبوه بين المراهقين وخاصة مع وجود الجنس المخالف ، فإنها من المضان الكبرى لاستنبات بذور الفساد بكل أبعاده .
(34) حفظ الاسرار الزوجية
إن على الزوجين أن يحفظا أسرار حياتهما الزوجية في أوج الخلاف والشقاق .. فإن كثيرا من هذه السلبيات المنكشفة عن طريق أحد الزوجين ، مما يسبب الهتك لهما أو لأحدهما مما لا يرضى به الشارع لعبده ، ومن المعلوم أن إحساس الآخر بما تعرّض له من الهتك والإساءة ، مـما قد يسدّ أبواب المصالحة والوفاق .
(35) الغيرة وسوء الظن
إن من روافد المشاكل بين الزوجين : الغيرة التي لا مبرر لهـا من جانب الزوج أو الزوجة ، وسوء الظن الذي لا موجب له ، سوى استيلاء الوهم الذي لا يغني عن الحق شيئاً ، والمهم أولا وآخراً في هذا المجال : هو تحكيم الشرع فيما أجاز وحرّم ، وإن كان بخلاف ميل أحدهما أو كليهما .. فإن زمام التحريم والتحليل إنما هو بيد صاحب هذا الوجود ، وهل هناك من يملك القدرة في منازعة الحق في سلطانه وأحكامه ؟! .
ومن المعلوم أن أسرار اقتران روحين متفاوتين ، لا تدرك إلا بالملاحظة الدقيقة ، التي قد لا يلتفت إليها الزوجان ، إلا بعد فوات الأوان وفقدان التحكم على سير الأمور ، بتفسخ العلاقة بين الزوج والزوجة من جهة ، وبينهما وبين الأولاد من جهة أخرى .. وعليه فلا بد من نقل ثمرات تجارب الخطأ والصواب ، وما يستفاد من الروايات والأخبار ، لتحكيم أواصر تلك الحياة الكريمة .. فإلى صاحبَـي ذلك ( العش السعيد ) أهدي بعض هذه النقاط:
(1) واقع الزواج
الالتفات إلى أن واقع الزواج ، هو التزاوج بين النفوس ، لا الأبدان فحسب .. فإن الآية الكريمة تفيد أن الغاية هي السكون ، وأن المجعول هي المودة والرحمة ، ولم تتطرق للعلاقة البدنية بشكلٍ مباشر ، وإن كان إشباع الجانب الغريزي من موجبات السكون أيضا .. ومن هنا يُعلم أن التزاوج النفسي يحتاج إلى بلوغ خاص ، وأن عدم الوصول إلى مرحلة الرشد والبلوغ النفسي في هذا المجال ، قد يكون من موجبات انتكاس الحياة الزوجية ، حتى عند الإلتزام ببعض الظواهر الشرعية ، إذ أن الالتزام الشرعي التقليدي ، قد لا يلازم حتماً مرحلة الرشد والوعي لمفردات الحياة الزوجية .. وقد أفردت كتب الحديث أبوابا واسعة لقيمة العقل ( الذي يمثل رصيد الرشد والبلوغ ) في قرب الإنسان من الحق المتعال ، بل نجاحه في حياته الدنيا والأخرى .
(2) المرأة تطلب لأمور
إن المرأة تطلب عادة لأمور منها : الاستمتاع الغريزي ، وتدبير شؤون المنـزل ، والتناسل ، والانس والإرتياح النفسي .. ومن المعلوم أن الأول يقل عنفوانه بتقدم العمر والأفول التدريجي للجمال ، أو وجدان الرجل من يستمتع بها غير زوجته .. وأما الثاني فإن من الممكن أن يقوم به الغير .. وأما الثالث فإن له أمد ينتهي بسن اليأس أو إعراض الزوج عن النسل .. وأما الرابع فقد يفقد بريقه بتكرار التعامل والمواجهة الرتيبه ، إذ أن لكل جديد بهجة ، ومن هنا يتحتم إضافة عنصر آخر يتمثل في : الإحساس بالمسئولية تجاه الرعية ، وفي أن الزوجة أمانة من الحق المتعال أودعها - إلى أجل مسمىً - بيد الزوج ، وهو مسؤول عنها إلى آخر العمر ، بل إلى يوم الحساب ، يوم يُنادى المرء :{ وقفوهم إنهم مسؤولون }.. وقد روي عن النبي (ص) انه قال :{ أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا وأنا ألطفكم بأهلي }.
(3) خلود الحياة الزوجية
الاعتقاد بأن الحياة الزوجية عند المؤمن لا تنتهي بانتهاء الحياة الدنيا ، بل أن المرأة الصالحة تلتحق بالزوج مع أبنائها ( بشرط الصلاح ) في الجنة بمقتضى قوله تعالى :{جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } و { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } .. إن هذا الإحساس بالاستمرارية ، بل الخلود في العلاقة الزوجية بلوازمها ، يضفي على الحياة الزوجية رباطاً لا ينفصم بتقادم الدهور والأعوام .
(4) مباركة الحق لحياة الزوجية
إن من أهم عوامل التجاذب الروحي بين الزوجين - إضافة إلى سعي كل منهما في إيجاد موجبات ذلك التجاذب - هي مباركة الحق المتعال لتلك العلاقة ، ولهذا يسند الحق المتعال التوفيق إلى نفسه ، عند إرادة الإصلاح من الزوجين بقوله : { إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } .. ومن هنا كانت الاستقامة العملية للزوجين في ساحة الحياة - داخل البيت الزوجي وخارجه - من موجبات نظرة الحق المتعال لهما ، مع ما تستتبعها من الألفة والثبات في العلاقة الزوجية .
(5) الوصف الإيماني لا الشخصي
إن من الضروري أن ينظر كل من الزوجين إلى الآخر بوصفه الإيماني لا بوصفه الشخصي .. فإن عدم وجود الرقابة البشرية داخل البيت ، وانفراد كل منهما بالآخر في كثير من الساعات ، يهيئ الأرضية للتعدي وتجاوز الحدود ، إذ أن الإحساس بالرقابة الإلهية المتصلة من موجبات الالتزام بالحدود والقيود ، وإن غاب الرقيب البشريّ .. وقد أكّد الحق تعالى هذه الحالة من الرقابــة بقوله : { والله يسمع تحاوركما } .
(6) تحديد تحرك المرأة
إن من الأفضل - بل المتعيّـن في بعض الحالات - تحديد تحركات المرأة ، وخاصة في ما لو استلزم التعامل المريب مع الرجال ، إذ أنها قد تفتقد بذلك تفرّغها لما هي أهم لهـا و أقرب إليها من شؤون الزوج والأولاد ، بل قد تفقد في بعض الحالات أنوثتها من خلال الاحتكاك المستمر بعنصر الرجال ، وهو ما نشاهده بوضوح في بعض البيئ المختلطة ، وخاصة مع ضعف الروادع الدينية .. ولا ننسى القول : أن للضرورات أحكامها ، إلا أنها تتقدّر بقَدَرها .
(7) الثابت والمتغير في السعادة
ينبغي التركيز على أن الثابت والمؤثر في سعادة الزوجين هو جانب الدين والأخلاق ، فهما العنصران المتحركان في تنظيم العلاقة بين الزوجين ، بل هما العنصران المتجددان اللذان لا يوصفان بالبِـلى والقِـَدم .. وأما الجمال فهو أمر نسبي ، تألفه العين في درجاته المختلفة ، وعليه فإن المطلوب هي نسبة مقبولة من التناسب في المظهر الخارجي .. ولا شك في أن الإقدام على الزواج من المنطلقات الإيمانية مما يوجب مباركة الحق المتعال لذلك الإرتباط المقدس ، كما نلاحظه من خلال التجارب المختلفة .
( الجميلة والمليحة
ينبغي التفريق بين الجاذبية الباطنية ( والتي لهـا معادلات غير معروفة بشكل واضح ) وبين الجاذبية الشكلية ، ولهذا يفرقون بين المليحة والجميلة .. ومن المعلوم أن الأول نوع جمال يستند إلى الخصال الباطنية ، التي لو اكتملت في فردٍ ، قذف الله تعالى محبته في قلوب الآخرين ، كما هو مشاهدٌ بالوجدان .
(9) التوافق الثقافي
لا مانع من الزواج فيما لو كان الزوجان في سنين متطابقة أو متقاربة ، مع وجود شيئ من التوافق الثقافي والمزاجي .. فالملحوظ أن الفارق الشاسع بين مستوى الزوجين في المجال العلمي والثقافي ، مما يوجب شيئاً من الارباك في الحياة الزوجية ، لعدم وحدة لغة التفاهم والتخاطب بينهما ، مما يعمّق هوة الخلاف عند أدنى مثير في الحياة الزوجيّة .
(10) اختيار مدرسة للاجيال
اختاروا لنطفكم فان العرق دسّاس .. فمن أجل سلامة الجيل الذي سينتج من الزواج لا بد من الاختيار الدقيق لمن تكون مدرسة للاجيال اللاحقة .. فعليه فلا بد من النظر إلى الزوجة ، على أنها هي المربية لأفلاذ كبد الانسان ، فحب الانسان لذريته - وهو أمر فطري أصيل - يستلزم حسن الإنتقاء لمن ستربـي هذه الذرية التي هي من الصدقات الجارية بعد الوفاة .
(11) قيمومية الرجل
إن قيمومية الرجل على المرأة لا تعني التحكم المطلق والتعسف في إدارة شؤون الأسرة .. فالولاية المطلقة إنما هي لله تعالى ولمن جعلها لهم .. فلا بد من استعمال الرجل - كأمين مفوَّض لا كحاكم مطلق - لتلك الولاية في الحدود التي يراها الشارع المقدس ، وهو مطروح بتفصيل في كتب الفقه يحسن بالزوجين مراجعتها .
(12) من اسباب تعجيل الطلاق
إن من الصفات التي تعجل المشاكل الزوجية ومن ثَـمّ الطلاق بين الزوجين هي :
الحدّة في المزاج - التسرع في الحكم - عدم الإحساس بلزوم التعبد الشرعي - عدم القناعة بما قسم الله تعالى - الحسد والنظر إلى ما في أيدي الآخرين من المتاع .
(13) القابلية لا الرصيد
إن المهم في الزوج هو قابليته لتدبير المعيشة من جهة الكفاءة والقابلية ، وليس من المهم - بعد ذلك - رصيده الفعلي ، فان الحق المتعال تكفّل فيما تكفل ، بإغناء الزوجين وذلك في قوله تعالى : { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} .
(14) تحاشي ساعة الغضب
إن من الساعات التي يتسلط فيها الشيطان على الزوجين هي ساعة الغضب ، فعلى الزوجين في مثل هذه الحالة - ولا تخلو منها حياة زوجية - من تحاشي إتخاذ أي قرار ، أو عمل ، أو قول يعمق الشرخ بينهما ، ويورّثهما الشحناء و البغضاء ، وإن اصطلحا بعد ذلك .
(15) آثار الطلاق
إن التهديد بالطلاق - عند اشتداد الأزمة بين الزوجين - مما لا ينبغي التفكير فيه ، فضلا عن التفوّه به من أحد الطرفين .. فإن جَعْل الطلاق هو طريق الخلاص الوحيد ، مما لا يقرّ به عقل ولا شرع ، وقلّما أورث الراحة والخلاص من الهموم ، وخاصة مع انعكاس تبعات هذه الحالة على الأولاد ، وكذلك تفاقم الحالات النفسية بين الزوجين حتى بعد الطلاق ، إذ أن هذا التاريخ الطويل من المعاشرة - بما فيه من أفراح وأتراح - مما لا ينسى بكلمتين أمام شاهدين عادلين .
(16) تحاشي الخلاف العلني
تحاشي الشجار وإبراز الخلافات الزوجية الخاصة في الوسط العائلي ، سواء كان ذلك أمام الأرحام والأولاد .. إذ أن إحساس الأولاد بعدم الاستقرار في حياة أبويهما ، مما يزعزع حالة الاطمئنان بالمستقبل ، أضف إلى سريان التفاعل اللاشعوري بمضاعفات تلك الخلافات ، إلى حياتهم في المستقبل ..كما أن إبراز الخلاف أمام الأرحام ، مما يوجب شيئا من المهانة لأحدهما ، لا يجبره حتى الاعتذار .
(17) الخلاف يسلب التركيز
إن انشغال الفكر بالهموم والخلافات العائلية ، يسلب الذهن حالة التركيز في القضايا المصيرية الأخرى : كخدمة المؤمنين ، وإرشاد الجاهلين ، ومتابعة شؤون الأولاد في دراستهم وعبادتهم ، والعمل بما يكون زادا له في سفره الطويل الموحش والذي طالما شغل بال أولي الألباب ، إذ أن التقرب إلى الحق المتعال ، يحتاج إلى بيئة خالية من الشوائب والمزعجات ، وخاصة تلك التي تجرّ الزوجين إلى المعصية : كالغيبة ، والبهتان ، والفحش في القول .
(18) الاحتكام إلى الشرع
ينبغي للزوجين الاحتكام إلى الشرع وأهله فيما شجر بينهما من خلاف ، وليست لهم الخِيَرة بعد ذلك ، وهو معنى قوله تعالى : { حتى يحكّموك فيما شجر بينهم }.. ومن المعلوم أن انعدام هذه الحكمية ، يجعل الزوجين يعيشان في دوامة لا نهاية لهـا ، فإذا لم يرتضيان الشرع حَـكَما ، فيا ترى من هو الحكم ؟!.
(19) تأمين الزوج للنفقة
إن على الزوجة أن تلتفت إلى أن من مهام الزوج هو تأمين نفقة البيت الزوجي ، وهذا بدوره يستلزم أحياناً كثيرة ، الدخول في معترك الحياة ، وحمل هموم جلب المعيشة ، بما فيها من منغصات وآلام .. فعلى الزوجة أن تلتفت إلى أن هذا الجهد المبذول ينبغي أن يُشكر من خلال الإحترام ، وتهيئة الجو العائلي السعيد ، كما أن على الزوج أن يلتفت إلى انفراد الزوجة بتبعات الحمل والولادة للطفل الذي هو منتسب إليهما معاً .
(20) تزيّن المرأة والرجل
إن تزيّـن الزوجة لزوجها وإتقانها لواجباتها الزوجية ، من عناصر إجتذاب الزوج إلى ما أحلّه الحق المتعال ، وبالتالي إبعاده عن البدائل المحرمة ، والأمر كذلك في جانب الزوج الذي يرى نفسه غير مكلف بالتزيّن لزوجته ، وكأن ذلك من خصائص النساء فحسب .
(21) مناقشة القضايا
إن من المناسب تعيين ساعة من ليل أو نهار ، لمناقشات قضايا الأسرة بشكل هادئ وهادف بعيدا عن التوتر وفرض الآراء ، فإن للزوجة رأيها في الأمور كما أن للزوج كذلك .. والأفضل هو التوفيق بين الآراء المتنافرة مهما أمكن ، للابتعاد عن سلبيات فرض الرأي من دون قناعة .
(22) موقع الزوج في الهداية
إن للزوج دورا مهما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لـما أوتي من موقع متميز في داخل العائلة .. فعليه أن لا ينسى هذا الدور الذي يحث عليه القرآن من خلال قوله تعالى :{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها }.
(23) الضوابط لصالح الزوجين
إن التزام الزوج بالضوابط الشرعية في النظر والحديث مع الأجنبيات ، وكذلك المرأة في تحاشي موجبات الإثارة مع الأجانب ، مما يعزز سلامة البيت الزوجي .. فلطالما أوجب الإنفلات من القيود الشرعية في الجانبين ، إلى الوقوع في الرذائل المحرمة والتي هي بمثابة الضربة القاضية للحياة الزوجية .
(24) عدم توقع المثالية
إن على الزوج أن لا يتوقع الحالة المثالية من الزوجة وكذلك العكس ، فإن فوق كل ذي علم عليم ، فكما أن الزوج لم يتزوج بالزوجة المثالية ، فكذلك الزوجة فإنهالم تتزوج بالزوج المثالي .. وعليه فقد يصادف أحدهما من هو أفضل للآخر أثناء حياته ، ولكن هذا لا يعني أبدا أن يتمنى العبد ما لم يُقدّر له فيه رزقا .
(25) الآداب قبل الزواج وبعده
إن من المناسب ملاحظة الزوجين للآداب الواردة في الشريعة : قبل إنعقاد النطفة ، وحين الزواج ، وبعد الحمل ، وعند الولادة ، وحتى عند الإرضاع .. فإن لهذه الآداب تأثيرات كبرى على المستقبل التربوي للوليد .
(26) اقتصاد الزوجة
إن حسن إدارة الزوجة لمتطلبات المنـزل سوف يوفّر على الزوج كثيرا من التبعات المالية ، أضف إلى توقّي الإسـراف والتبذير مما منيت بهما المجتمعات المترفة ، وهما من أهم عوامـل سلب النعـم .
(27) سرعة الاعتذار
إن الإنسان بطبيعته خطّـاء غير معصوم من الزلل ، ولا يفترق في ذلك ذكر أو أنثى ، فالمهم في الزوجين أن يسارع كل منهما إلى الاعتذار اللائق عند صدور خطأ مقصود أو غير مقصود ، ولا شك أن المغفرة الإلهية مترتبة على تصفية حقوق المخلوقين ، كما أن أذى الخلق - في بعض الحالات - يسبب أذى الحق المتعال ، والذي يترتب عليه اللعن في الدنيا والآخرة .
(28) عدم الموعظة حال الغضب
إن الموعظة والهداية في حال الغضب ، تذهبان أدراج الرياح ، بل قد تزيدان المخاطب عتوّا وعناداً ، وعليه فلا معنى للموعظة في حال الغضب وهيجان أحد الزوجين أو كليهما .. وقد رفعت بعض النصوص التكليف بالنهي عن المنكر أمام صاحب السوط!! .. فليتحيّـن الزوجان الساعة المناسبة لإبداء الملاحظات التي لا بد من إبدائها .
(29) الاهداء سنة محمودة
إن الإهداء سنة محمودة يعمّق حالة المودة والألفة بين الزوجين .. فكم من الجميل أن يهدي كل من الزوجين الآخر ، ما يلائم المناسبة المختصة بكل منهما !! .. ولا شك في أن النظر إلى تلك الهدية - وخاصة إذا بقيت كذكرى لهما - مما يجدّد العواطف التي اكتنفت تلك المناسبة ، وذلك الإهداء .
(30) القناعة بما قسم الله تعالى
إن نظرة الزوجة لمستوىً معيشي أرقى من رتبتها وقدرات زوجها ، يجعلها لا تعيش حالة الشكر من النعمة التي هي فيها ، وعليه فإن الزوجين اللذين يخشيان على أنفسهما تخلل حالة الكفران في وجودهما ، أن يتحاشيا معاشرة من توجب معاشرتهم تلك الحالة .. هذا كله فضلا عن معاشرة اللذين يخشى من معاشرتهم على فساد الدين وانحراف الخلق القويم ، ولطالما جرّت معاشرة واحدة ويلات على الزوجين ، لم تنته إلا بالفراق .
(31) ترويح الزوجة
إن استغراق أوقات الزوجة في إدارة شؤون المنـزل بين جدرانٍ أربع ، يورثها شيئا من التبرّم وضيق الصدر و المزاج ، خلافا للزوج الذي له مجال واسع في التحرك .. وعليه فإن من الإنصاف أن يدخل الزوج على زوجته جوا من التغيير والترويح ، المتمثل في سفرة إلى أحد الديار المقدسة ، أو رحلة قصيرة هادفة خالية من التبعات والآثام .
(32) التثقيف الذاتي
إن وجود مكتبة صوتية وغيرها من الكتب والمجلات النافعة توفّر فرصة جيدة لتثقيف الزوجين - بنفسيهما - في أوقات الفراغ ، وخاصة مع ضعف الوسائل العامة في تأمين الثقافة النافعة ، بل مساهمتها في بعض الحالات في تفتيت العش الزوجي ، من خلال عرض ما يوجّه كل من الزوجين إلى عالم الانحراف المناسب لكل منهما .
(33) مراقبة الزيارات العائلية
إن الزيارات العائلية ينبغي أن تراعى فيها القيود الشرعية من عدم الاختلاط المريب ، إضافة إلى عدم التفاعل المشبوه بين المراهقين وخاصة مع وجود الجنس المخالف ، فإنها من المضان الكبرى لاستنبات بذور الفساد بكل أبعاده .
(34) حفظ الاسرار الزوجية
إن على الزوجين أن يحفظا أسرار حياتهما الزوجية في أوج الخلاف والشقاق .. فإن كثيرا من هذه السلبيات المنكشفة عن طريق أحد الزوجين ، مما يسبب الهتك لهما أو لأحدهما مما لا يرضى به الشارع لعبده ، ومن المعلوم أن إحساس الآخر بما تعرّض له من الهتك والإساءة ، مـما قد يسدّ أبواب المصالحة والوفاق .
(35) الغيرة وسوء الظن
إن من روافد المشاكل بين الزوجين : الغيرة التي لا مبرر لهـا من جانب الزوج أو الزوجة ، وسوء الظن الذي لا موجب له ، سوى استيلاء الوهم الذي لا يغني عن الحق شيئاً ، والمهم أولا وآخراً في هذا المجال : هو تحكيم الشرع فيما أجاز وحرّم ، وإن كان بخلاف ميل أحدهما أو كليهما .. فإن زمام التحريم والتحليل إنما هو بيد صاحب هذا الوجود ، وهل هناك من يملك القدرة في منازعة الحق في سلطانه وأحكامه ؟! .