الزوجة المثالية فى الشريعة الإسلامية
أولاً : إن تكون مصدر سرور ، وقد أخرج النسائي عن أبى هريرة أن رسول الله e سئل : أي النساء خير ؟ فقال : "التي تسره إذا نظر ....." قال الإمام الغزالى : إنما يسر بالنظر إليها إذا كانت محبة للزوج .
- ونقول : إن هذا هو الأصل ، ولكن ثقة الزوجة فى حبها لزوجها ، وحب زوجها لها قد لا تكون مبعث سرور ، إذ أنها ما تلبث أن تعتمد على هذا الحب ، فتهمل مظهرها ، أو تشتد غيرتها ، أو تكثر من العتب عليه وحسابه على الكلمة العابرة ، أو تثقله بمطالبها ليقيم الدليل على حبه لها ، وهنا تكون الكارثة ، وتكون الزوجة مصدراً للآلام ، ومن ثم ينتهى الحال إلى الكراهية والنفور .
إنها تضفى الكآبة على الوجه الجميل ، والقبح على القوام الرشيق ، فتحيلهما إلى مسخ ومصدر للهم القاتل ، والغم المقيم .
وقد أوصى عبد الله بن جعفر ابنته فقال : "إياك والغيرة ، فإنها مفتاح الطلاق ، وإياك وكثرة العتب ، فإنه يورث البغضاء " .
والحب عاطفة سامية لا يصبر صاحبها على فراق محبوبه ، ولا يرضى به بدلاً ، كما أنه عاطفة لا تدخل فى نطاق المساومة على قيمتها المادية التى يبذلها الزوج لزوجته المحبوبة ، فهذا الصنيع صنيع الساقطات اللاتي يبعن العواطف والقلوب والساعات والليالي ، ويحببن الزوج لماله ، فإذا قل ماله انقلبن عليه .
إنما الحب تضحية بالمطالب الشخصية إذا لم تتيسر للزوج ، واستكثار للقليل الذي يستطيعه ، ولكنه إذا كان كثير المال فعليه أن يسعد زوجته ما وسعه الإسعاد .
أما أن ترهق الزوجة زوجها ربما لا يستطيع ، أو يبخل الزوج على زوجته بما يستطيع ، فكلاهما جريمة في حق البيت المسلم ويغلب أن تنشأ عقدة النفس من عدم الإشباع الجنسي ، وفيما عدا ذلك تنشأ من السخط على الحياة إذا كان فيها بعض الضيق نتيجة لنظر الزوجة إلى مثيلاتها ممن وسع الله عليها فى الرزق ، وهذا هو الوبال في الدين والدنيا جميعاً ، وبال فى الدين لأن الله تعالى حينما قال : (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) "وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (النور :32) لم يكن ليغنيهم دون عمل من الزوجين ، وإنما يغنيهم إذا هيأت الزوجة لزوجها فرصة الإبداع في العمل بدفع موجات متلاحقة من السرور إلى قلبه ، تدفعه إلى الحرص على ، مواصلة العمل ؛ أما أن تدفع إلى قلبه موجات الكآبة والسخط فهذا باب الفقر المقيم الذي صنعته الزوجة بيدها ، وأرادت ثراءً واسعاً وهذا هو الوبال فى الدنيا . وصدق الله وكذب الإنسان حين قال تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 3،2) .
ثانياً : أن تكون مطيعة لزوجها ، ففي حديث أبى هريرة السابق يقول الرسول e "وتطيعه إذا أمر" . وفى حديث أحمد : ".. ولو أمرها أن تنقل من جبل أصفر إلى جبل أسود لكان ينبغي لها أن تفعل" .
وهذه الطاعة فى مقتضى قوله تعالى : "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنّ َ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" (سورة النساء : 34). وقال تعالى : "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ" (سورة البقرة: 228) ، ولأهمية هذا الأدب الإسلامي في نجاح الحياة الزوجية فقد حث الرسول e المرأة على طاعة زوجها طاعة مقرونة بأعظم درجات الاحترام فقال فى رواية الترمذي : "لو كنت آمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" .
وأفظع أنواع العصيان : أن ترفض دعوته لها إلى الفراش . وقد أخرج الترمذى عن طلق بن على أن رسول الله e قال :" إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتأته ، وإن كانت على التنور" وفى رواية "وإن كانت على ظهر قتب) أى : وإن كانت راكبة وجب عليها ان تنزل إليه ، وتوعد العاصية فى هذه الحالة بأشد الوعيد فقال فيما أخرج الشيخان عن أبى هريرة : "إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشة فأبت ، فبات غضبان ، لعنتها الملائكة حتى تصبح" .
ووعد الزوجة المطيعة بأعظم الجزاء فقال فيما أخرج الإمام أحمد : "إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلى الجنة من أى ابواب الجنة شئت" . وقال : "أيما امرأة ماتت وزوجها عليها راضى دخلت الجنة ، وأكثر ما يدخل المرأة النار عصيانها لزوجها وكفرانها إحسانه" .
وربط رسول الله صلي الله عليه وسلم طاعة الزوجة لزوجها بطاعتها لربها ، فقال فيما أخرجه ابن ماجة وأحمد : "والذى نفس محمد بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها ، وإذا سألها نفسها وهى على قتب (أى رحل) لم تمنعه نفسها " .
وكان صلي الله عليه وسلم يتفقد هذا الخلق فى النساء ، ويبادرهن بالسؤال عنه . وقد أخرج الحاكم والطبرانى وابن أبى شيبة عن حصين بن محصن قال : حدثتنى عمتى".......
كيف تفقد المرأة القدرة على إشاعة المودة والرحمة فى البيت وعلى غرس مكارم الأخلاق فى قلوب الأبناء ، ومن أين لمن باعت عرضها وشرفها أن تميز بين المكارم والدناءات ؟
والقدرة على إشاعة المودة والرحمة ، والصبر على متاعب الصغار وتنشئتهم على ما يريد الله ورسوله فضل تملكه المرأة ولا يملكه الرجل . وذلك لأن النساء أعطاهم الله القدرة على جذب الأطفال إليهن بالحنين إلى صدورهن ، والسكون إلى حنانهن ، وهى الجرعات الأولى التى يقوم عليها بناء الطفل الوجدانى مع جرعات اللبن التى يقوم عليها بناؤه الجسمانى تماماً ، وليس فى الرجل من ذلك إلا القليل مما يغرى الطفل بالسكون إليه ، اللهم إلا إذا شب على الطوق ، وسكن إليه بتأثير ما تحيطه به الطرف المحبوبة إليه فالأمر بطاعة الزوجة لزوجها يحفظ فضلها على الرجل ، وتمردها على الطاعة يجردها من هذا الفضل ولا يلحقها بفضل آخر ، وإنما يضعها فى منزلة لا فضل فيها ، ولا أمل فيها لفضل يمكن أن تلحقه نتيجة لتمردها على فطرتها .
فتمرد المرأة على فطرتها كما رأينا يفقدها العنصر الجاذب للرجل نحوها جنسياً فى غمرة من السكن واللباس العاطفى الشامل ، وإنما يكون جذبها للرجل حينئذ آلياً ومؤقتاً لا متسع فيه لاستيعاب العواطف والمشاعر آخذاً وعطاء بينهما كما أرادت فطرة الإسلام من فطرة الذكر والأنثى .
ثالثا : أن تكون أمينة على ماله وعرضه ، وفيما روى ابن عباس عن الإمام أحمد أن رسول الله e قال : "أربع من أعطيهن فقد أعطى خير الدنيا والآخرة : قلب شاكر ، ولسان ذاكر ، وبدن على البلاء صابر ، وزوجة لا تبغيه خوفاً فى نفسها ولا فى ماله" .
وإذا رأت نفسها مصدر سرور ومرح لزوجها ، وأيقنت من شدة إقباله عليها وحبه لها ربما تدللت عليه بعصيان أوامره ، لإثبات شخصيتها الآمرة فى مواجهته ..فإذا تجاوز الرجل لها عن الأوامر التى ترضى غرورها ، فلتحذر أن تتجاوز قدرها وحجمها ، فتنتهك حرمة البيت وقداسة الشرف أو تعبث بالمالية المنزلية على هواها ، وبإراتها المنفردة دون علم زوجها ، لأنها حينئذ لا تعتدى على زوجها ، وإنما تعتدى على مجتمع الإسلام كله .
وأخطر هذين وأشدهما استعصاء على الحل هو خيانة العرض ، ولهذا كانت أوامر رسول الله صلي الله عليه وسلم موجهة إلى الرجال مع النساء : ألا يكونوا عاملا مساعداً على انتهاك حرمات البيوت ، لأنه فساد على مستوى العالم الإسلامى كله .
وقد أخرج الترمذى أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال فى خطبة الوداع : "فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون"
ثم وجه رسول الله e حديثه إلى الرجال فى تحذير قاطع ألا يشاركوا النساء الراغبات فى هدم الحياة الزوجية مسلكهن القبيح فقال فيما أخرج البخارى : " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذى محرم" .
رابعاً : أن تكون نظيفة وجديدة في زينتها وحديثها وسجاياها. والنظافة والزينة داخل البيت من أعظم وأجدى عوامل النجاح فى علاقات جنسية مثالية ، فنظافة الجسد والثوب وجماله من أقوى ما يشد الزوج نحو الزوجة. والنظافة تضفى على النفس بهجة وصفاء على العكس من القذر والدرن الذي يغشى النفس بالكآبة والانطواء ، ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم : "النظافة من الإيمان" .
والكثير من الفتيات والنساء والزوجات لا يعنين بنظافة الفم والأسنان ، ولو علمن مدى الفزع والجزع والكزارة وانغلاق النفس والقلب من ريح الفم العفن لعذرن الأزواج فى هذه الحالة إذا تجنبوا الاقتراب منهن للحديث العادي ، فضلا عن محاولة القبلة أو المداعبة أو اللقاء .
وقد يعلمن ويغضبن إذا ظهر استياء الزوج ، وهذا هو الحمق بعينه ، وهو العناد الذي يبقى على أصل الداء ، حتى تتأصل منه عقدة في نفس الزوج لا تزول بزوال سببها .
فمن لا تستطيع معاجين الأسنان فلها فى السواك فضيلة النظافة وإزالة أسباب العفن ، وثواب السنة المباركة ، وفى ملح الطعام قضاء على مراكز العفن في اللثة إن كان حال الزوجين دقيقا ، لا يحتمل علاج الأطباء .
لا شيء يهدد العلاقة الجنسية بالفشل الكامل قدر بخر الفم ، وعفن اللثة والأسنان عند الزوجة والزوج معاً .
من كتاب الزواج والطب للدكتور أحمد عبده عوض
أولاً : إن تكون مصدر سرور ، وقد أخرج النسائي عن أبى هريرة أن رسول الله e سئل : أي النساء خير ؟ فقال : "التي تسره إذا نظر ....." قال الإمام الغزالى : إنما يسر بالنظر إليها إذا كانت محبة للزوج .
- ونقول : إن هذا هو الأصل ، ولكن ثقة الزوجة فى حبها لزوجها ، وحب زوجها لها قد لا تكون مبعث سرور ، إذ أنها ما تلبث أن تعتمد على هذا الحب ، فتهمل مظهرها ، أو تشتد غيرتها ، أو تكثر من العتب عليه وحسابه على الكلمة العابرة ، أو تثقله بمطالبها ليقيم الدليل على حبه لها ، وهنا تكون الكارثة ، وتكون الزوجة مصدراً للآلام ، ومن ثم ينتهى الحال إلى الكراهية والنفور .
إنها تضفى الكآبة على الوجه الجميل ، والقبح على القوام الرشيق ، فتحيلهما إلى مسخ ومصدر للهم القاتل ، والغم المقيم .
وقد أوصى عبد الله بن جعفر ابنته فقال : "إياك والغيرة ، فإنها مفتاح الطلاق ، وإياك وكثرة العتب ، فإنه يورث البغضاء " .
والحب عاطفة سامية لا يصبر صاحبها على فراق محبوبه ، ولا يرضى به بدلاً ، كما أنه عاطفة لا تدخل فى نطاق المساومة على قيمتها المادية التى يبذلها الزوج لزوجته المحبوبة ، فهذا الصنيع صنيع الساقطات اللاتي يبعن العواطف والقلوب والساعات والليالي ، ويحببن الزوج لماله ، فإذا قل ماله انقلبن عليه .
إنما الحب تضحية بالمطالب الشخصية إذا لم تتيسر للزوج ، واستكثار للقليل الذي يستطيعه ، ولكنه إذا كان كثير المال فعليه أن يسعد زوجته ما وسعه الإسعاد .
أما أن ترهق الزوجة زوجها ربما لا يستطيع ، أو يبخل الزوج على زوجته بما يستطيع ، فكلاهما جريمة في حق البيت المسلم ويغلب أن تنشأ عقدة النفس من عدم الإشباع الجنسي ، وفيما عدا ذلك تنشأ من السخط على الحياة إذا كان فيها بعض الضيق نتيجة لنظر الزوجة إلى مثيلاتها ممن وسع الله عليها فى الرزق ، وهذا هو الوبال في الدين والدنيا جميعاً ، وبال فى الدين لأن الله تعالى حينما قال : (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) "وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (النور :32) لم يكن ليغنيهم دون عمل من الزوجين ، وإنما يغنيهم إذا هيأت الزوجة لزوجها فرصة الإبداع في العمل بدفع موجات متلاحقة من السرور إلى قلبه ، تدفعه إلى الحرص على ، مواصلة العمل ؛ أما أن تدفع إلى قلبه موجات الكآبة والسخط فهذا باب الفقر المقيم الذي صنعته الزوجة بيدها ، وأرادت ثراءً واسعاً وهذا هو الوبال فى الدنيا . وصدق الله وكذب الإنسان حين قال تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 3،2) .
ثانياً : أن تكون مطيعة لزوجها ، ففي حديث أبى هريرة السابق يقول الرسول e "وتطيعه إذا أمر" . وفى حديث أحمد : ".. ولو أمرها أن تنقل من جبل أصفر إلى جبل أسود لكان ينبغي لها أن تفعل" .
وهذه الطاعة فى مقتضى قوله تعالى : "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنّ َ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" (سورة النساء : 34). وقال تعالى : "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ" (سورة البقرة: 228) ، ولأهمية هذا الأدب الإسلامي في نجاح الحياة الزوجية فقد حث الرسول e المرأة على طاعة زوجها طاعة مقرونة بأعظم درجات الاحترام فقال فى رواية الترمذي : "لو كنت آمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" .
وأفظع أنواع العصيان : أن ترفض دعوته لها إلى الفراش . وقد أخرج الترمذى عن طلق بن على أن رسول الله e قال :" إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتأته ، وإن كانت على التنور" وفى رواية "وإن كانت على ظهر قتب) أى : وإن كانت راكبة وجب عليها ان تنزل إليه ، وتوعد العاصية فى هذه الحالة بأشد الوعيد فقال فيما أخرج الشيخان عن أبى هريرة : "إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشة فأبت ، فبات غضبان ، لعنتها الملائكة حتى تصبح" .
ووعد الزوجة المطيعة بأعظم الجزاء فقال فيما أخرج الإمام أحمد : "إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلى الجنة من أى ابواب الجنة شئت" . وقال : "أيما امرأة ماتت وزوجها عليها راضى دخلت الجنة ، وأكثر ما يدخل المرأة النار عصيانها لزوجها وكفرانها إحسانه" .
وربط رسول الله صلي الله عليه وسلم طاعة الزوجة لزوجها بطاعتها لربها ، فقال فيما أخرجه ابن ماجة وأحمد : "والذى نفس محمد بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها ، وإذا سألها نفسها وهى على قتب (أى رحل) لم تمنعه نفسها " .
وكان صلي الله عليه وسلم يتفقد هذا الخلق فى النساء ، ويبادرهن بالسؤال عنه . وقد أخرج الحاكم والطبرانى وابن أبى شيبة عن حصين بن محصن قال : حدثتنى عمتى".......
كيف تفقد المرأة القدرة على إشاعة المودة والرحمة فى البيت وعلى غرس مكارم الأخلاق فى قلوب الأبناء ، ومن أين لمن باعت عرضها وشرفها أن تميز بين المكارم والدناءات ؟
والقدرة على إشاعة المودة والرحمة ، والصبر على متاعب الصغار وتنشئتهم على ما يريد الله ورسوله فضل تملكه المرأة ولا يملكه الرجل . وذلك لأن النساء أعطاهم الله القدرة على جذب الأطفال إليهن بالحنين إلى صدورهن ، والسكون إلى حنانهن ، وهى الجرعات الأولى التى يقوم عليها بناء الطفل الوجدانى مع جرعات اللبن التى يقوم عليها بناؤه الجسمانى تماماً ، وليس فى الرجل من ذلك إلا القليل مما يغرى الطفل بالسكون إليه ، اللهم إلا إذا شب على الطوق ، وسكن إليه بتأثير ما تحيطه به الطرف المحبوبة إليه فالأمر بطاعة الزوجة لزوجها يحفظ فضلها على الرجل ، وتمردها على الطاعة يجردها من هذا الفضل ولا يلحقها بفضل آخر ، وإنما يضعها فى منزلة لا فضل فيها ، ولا أمل فيها لفضل يمكن أن تلحقه نتيجة لتمردها على فطرتها .
فتمرد المرأة على فطرتها كما رأينا يفقدها العنصر الجاذب للرجل نحوها جنسياً فى غمرة من السكن واللباس العاطفى الشامل ، وإنما يكون جذبها للرجل حينئذ آلياً ومؤقتاً لا متسع فيه لاستيعاب العواطف والمشاعر آخذاً وعطاء بينهما كما أرادت فطرة الإسلام من فطرة الذكر والأنثى .
ثالثا : أن تكون أمينة على ماله وعرضه ، وفيما روى ابن عباس عن الإمام أحمد أن رسول الله e قال : "أربع من أعطيهن فقد أعطى خير الدنيا والآخرة : قلب شاكر ، ولسان ذاكر ، وبدن على البلاء صابر ، وزوجة لا تبغيه خوفاً فى نفسها ولا فى ماله" .
وإذا رأت نفسها مصدر سرور ومرح لزوجها ، وأيقنت من شدة إقباله عليها وحبه لها ربما تدللت عليه بعصيان أوامره ، لإثبات شخصيتها الآمرة فى مواجهته ..فإذا تجاوز الرجل لها عن الأوامر التى ترضى غرورها ، فلتحذر أن تتجاوز قدرها وحجمها ، فتنتهك حرمة البيت وقداسة الشرف أو تعبث بالمالية المنزلية على هواها ، وبإراتها المنفردة دون علم زوجها ، لأنها حينئذ لا تعتدى على زوجها ، وإنما تعتدى على مجتمع الإسلام كله .
وأخطر هذين وأشدهما استعصاء على الحل هو خيانة العرض ، ولهذا كانت أوامر رسول الله صلي الله عليه وسلم موجهة إلى الرجال مع النساء : ألا يكونوا عاملا مساعداً على انتهاك حرمات البيوت ، لأنه فساد على مستوى العالم الإسلامى كله .
وقد أخرج الترمذى أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال فى خطبة الوداع : "فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون"
ثم وجه رسول الله e حديثه إلى الرجال فى تحذير قاطع ألا يشاركوا النساء الراغبات فى هدم الحياة الزوجية مسلكهن القبيح فقال فيما أخرج البخارى : " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذى محرم" .
رابعاً : أن تكون نظيفة وجديدة في زينتها وحديثها وسجاياها. والنظافة والزينة داخل البيت من أعظم وأجدى عوامل النجاح فى علاقات جنسية مثالية ، فنظافة الجسد والثوب وجماله من أقوى ما يشد الزوج نحو الزوجة. والنظافة تضفى على النفس بهجة وصفاء على العكس من القذر والدرن الذي يغشى النفس بالكآبة والانطواء ، ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم : "النظافة من الإيمان" .
والكثير من الفتيات والنساء والزوجات لا يعنين بنظافة الفم والأسنان ، ولو علمن مدى الفزع والجزع والكزارة وانغلاق النفس والقلب من ريح الفم العفن لعذرن الأزواج فى هذه الحالة إذا تجنبوا الاقتراب منهن للحديث العادي ، فضلا عن محاولة القبلة أو المداعبة أو اللقاء .
وقد يعلمن ويغضبن إذا ظهر استياء الزوج ، وهذا هو الحمق بعينه ، وهو العناد الذي يبقى على أصل الداء ، حتى تتأصل منه عقدة في نفس الزوج لا تزول بزوال سببها .
فمن لا تستطيع معاجين الأسنان فلها فى السواك فضيلة النظافة وإزالة أسباب العفن ، وثواب السنة المباركة ، وفى ملح الطعام قضاء على مراكز العفن في اللثة إن كان حال الزوجين دقيقا ، لا يحتمل علاج الأطباء .
لا شيء يهدد العلاقة الجنسية بالفشل الكامل قدر بخر الفم ، وعفن اللثة والأسنان عند الزوجة والزوج معاً .
من كتاب الزواج والطب للدكتور أحمد عبده عوض