لَكَ الحَمدُ وَالنَعماءُ وَالـمُلكُ رَبَّنـا
فَلا شَيءَ أَعلى مِنكَ مَجداً وَأَمجَـدُ
مَليكٌ عَلى عَرشِ السَّمـاءِ مُهيمِـنٌ
لِعِزَّتِـهِ تَعنـو الوجـوهُ وَتَسجُـدُ
عَلَيهِ حِجابُ النُّـورِ وَالنُّـورُ حَولَهُ
وأَنـهـارُ نـورٍ حولَـهُ تَتَوَقَّـدُ
فَلا بَصَـرٌ يَسمـو إِلَيـهِ بِطَرفِـهِ
وَدونَ حِجابِ النورِ خَلـقٌ مُؤَيَّـدُ
مَلائِكَةٌ أَقدامُهُـم تَحـتَ عَرشِـهِ
بِكَفِيـهِ لَـولا اللهُ كَلّـوا وَأَبلَـدوا
قيامٌ عَلى الأَقـدامِ عانيـنَ تَحتَـهُ
فَرائِضُهُم مِن شِدَّةِ الخـوفِ تُرعَـدُ
وَسِبطٌ صُفوفٌ يَنظُـرونَ قَضـاءَهُ
يُصيخونَ بِالإِسـماعِ لِلوَحيِ رُكَّـدُ
أَمينٌ لِوَحيِ القُدسِ جِبـريلُ فيهِـم
وَميكالُ ذُو الروحِ القَـوِيُّ المُسَـدَّدُ
وَحُرّاسُ أَبوابِ السَّمَـواتِ دونَهُـم
قيـامٌ عَليهِـم بِالمَقـاليـدِ رُصَّـدُ
فَنِعـمَ العِبـادُ المُصطَفَـونَ لأَمـرِهِ
وَمِن دوُنِهِم حُندٌ كَثيـفٌ مُجَنَّـدُ
مَـلائِكَـةٌ لا يَفتَـرونَ عِـبـادَةً
كَروبِيَّةٌ مِنهُـم رُكـوعٌ وَسُجَّـدُ
فَساجِدُهُم لا يَرفَعُ الدَّهـرَ رَأسَـهُ
يُعَظِّـمُ رَبّـاً فَـوقَـهُ وَيُمَجِّـدُ
وَراكِعُهُم يَعنو لَهُ الدَّهـرَ خاشِعـاً
يُـرَدِّدُ آلاءَ الإِلَـهِ وَيَـحـمَـدُ
وَمِنهُم مُلِفٌّ فِي الجَناحيـنِ رَأسَـهُ
يَكـادُ لِـذِكـرى رَبِّـهِ يَتَفَصَّـدُ
مِنَ الخَـوفِ لا ذُو سأمَـةٍ بِعِبـادَةٍ
وَلا هوَ مِن طـولِ التَعَبُّـدِ يَجهَـدُ
وَدونَ كَثيفِ الماءِ فِي غامِضِ الهَـوا
ملائِكَـةٌ تَنحَـطُّ فيـهِ وَتَصعَـدُ
وَبَينَ طِباقِ الأَرضِ تَحتَ بُطونِهـا
مَـلائِكَـةٌ بِالأَمـرِ فِيـها تَـرَدَّدُ
فَسُبحانَ مَن لا يَعرِفُ الخَلقُ قَـدرَهُ
وَمَن هُوَ فوقَ العَرشِ فَـردٌ مُوَحَّـدُ
وَمَن لَم تُنازِعـهُ الخَلائِـقُ مُلكَـهُ
وَإِن لَـم تُفـرِّدهُ العِبـادُ فَمُفـرَدُ
مَليكُ السَمَواتِ الشِّـدادِ وَأَرضِـها
وَلَيسَ بِشَـيءٍ عَن قَضـاهُ تَـأَوُّدُ
هو اللهُ بَاري الخَلقِ وَالخَلقُ كُلُّهُـم
إِماءٌ لَـهُ طَوعـاً جَميعـاً وَأَعبُـدُ
وَأنَّى يَكونُ الخَلقُ كَالخالِـقِ الـذي
يَـدومُ وَيَبقـى وَالخَليقَـةُ تَنفَـدُ
وَلَيسَ لِمَخلوقٍ مِنَ الدَّهـرِ جِـدَّةٌ
وَمَن ذا عَلى مَرِّ الحَـوادِثِ يَخلُـدُ
وَتَفنَى وَلا يَبقَى سِوَى الواحِدُ الذي
يُميتُ وَيُحيِي دَائِبـاً لَيـسَ يُهمَـدُ
تُسَبِّحُهُ الطَيـرُ الجَوانِحُ فِي الخَفـى
وإِذ هِيَ فِي جَوِّ السَمـاءِ تُصَعِّـدُ
وَمِن خَوفِ رَبّي سَبَّحَ الرَعدُ فَوقَنـا
وَسَبَّحَهُ الأَشجارُ وَالوَحـشُ أُبَّـدُ
وَسَبَّحَهُ النَينـانُ وَالبَحـرُ زاخِـراً
وَما طَمَّ مِن شَيءٍ وَما هُـوَ مُقَلِـدُ
أَلا أَيُّها القَلبُ المُقيـمُ عَلى الهَـوى
إِلَى أَيِّ حينٍ مِنكَ هَـذا التَصَـدُّدُ
عَنِ الحَقِّ كَالأَعمى المُميطِ عَنِ الهُدى
وَلَيـسَ يَـرُدُّ الحَـقَّ إِلاّ مُفَـنِّـدُ
وَحالاتِ دُنيـا لا تَـدومُ لأَهلِـها
فَبَينا الفَتَى فِيـهَا مَهيـبٌ مُسَـوَّدُ
إِذا إِنقَلَبَـت عَنـهُ وَزالَ نَعيمُـها
وَأَصبَحَ مِن تَـربِ القُبـورِ يوَسَّـدُ
وَفارَقَ روحاً كـانَ بَيـنَ جَنانِـهِ
وَجـاوَرَ مَوتـى مَا لَهُـم مُتَـرَدَّدُ
فأَي فَتَـىً قَبلـي رأَيـتَ مُخَلَّـداً
لَهُ فِـي قَديـمِ الدَّهـرِ مَا يَتَـوَدَّدُ
وَمَن يَبتَليـهِ الدَّهـرُ مِنـهُ بِعَثـرَةٍ
سَيَكبـو لَهـا وَالنائِبـاتِ تَـرَدَّدُ
فَلَم تَسلَم الدُّنيا وَإِن ظَـنَّ أَهلُـها
بِصِحَّتِـها وَالدَّهـرُ قَـد يَتَجَـرَّدُ
أَلَستَ تَرى فِي ما مَضى لَك عِبـرَةً
فَمَه لا تَكُن يا قَلبُ أَعمَـى يُلَـدَّدُ
فَكُن خائِفاً لِلمَوتِ وَالبَعثِ بَعـدَهُ
وَلا تَكُ مِمَّن غَرَّهُ اليَـومُ أَو غَـدُ
فإِنَّـكَ فِي دُنيـا غُـرورٍ لأَهلِهـا
وَفيها عَدوٌّ كاشِحُ الصَّـدرِ يُوقِـدُ
وساكِنُ أَقطارِ الرَقيعِ عَلـى الـهَوا
وَمِن دونِ عِلمِ الغَيبِ كُلٌّ مُسَهَّـدُ
وَلـولا وِثـاقُ اللهِ ضَـلَّ ضَلالُنـا
وَقَـد سَـرَّنـا أَنّـا نُتَـلُّ فَنـوأَدُ
تَرى فِيهِ أَخبارَ القُرونِ الَّتِي مَضَـت
وَأَخبارَ غَيـبٍ فِي القيامَـةِ تَنجُـدُ
وَلَيـسَ بِها إِلا الرَّقيـمُ مُجـاوراً
وَصيدَهُمُ وَالقومُ فِي الكَهفَ هُمَّـدُ