التباس المعنى في الجملة ، أي وجود أكثر من معنى، أمر شغل علماء اللغة المعاصرين، فكتب بعضهم الكتب فيه، فيما تناوله الكثير بمقالات نشروها في المجلات المتخصصة.
وهو ظاهرة ليست محصورة على لغة بعينها وإنما يمكن أن توجد في لغات كثيرة وسأتناول الآن بعض أمثلته في اللغة العربية. فمن ذلك هذه الجملة:
جمعت الكثير من نوادر الكتب
هل يمكنك اكتشاف الالتباس هنا؟ إنه في كلمة (نوادر) ، لماذا يا ترى؟ لأنها تحتمل أكثر من معنى ، إذ يمكن ان تعني :
1- النوادر الموجودة في الكتب أو 2- الكتب النوادر أي النادرة الوجود ، او 3- (وهو ابعد احتمالا) النوادر والطرائف المتعلقة بالكتب.
مثال آخر:
هل قرأت قصيدة رثاء عمرٍ لزيد ؟
ففي هذا السؤال لا تدري من هو المرثي ومن هو الراثي لآن كل شخص هنا يحتمل أن يكون الراثي والمرثي كذلك. ولفك هذا الالتباس سأستخدم الأقواس:
1- هل قرأت (قصيدة (رثاء عمرٍ)) لزيد ؟
وبهذا يتضح أن المرثي هو عمرو، وان (قصيدة رثاء عمرٍ) هو تركيب مرتبط ببعضه وهو مفعول به لـ (قرأت). بمعنى ان القصيدة موضوعها أوعنوانها (رثاء عمر) وهي لزيد.
2- هل قرأت قصيدة (رثاء عمرٍ لزيد) ؟
وبهذا يكون المرثي هو زيد. بمعنى هل قرأت القصيدة التي نظمها عمرو في رثاء زيد؟
ومن الالتباس كذلك قولنا: كان عقاب علي شديدا ، فلا ندري هل علي هو الذي عاقب؟ ام هو الذي عوقب.
وقد سمعت أحد مذيعي الأخبار يقول: ضرورة معاقبة قتلة أبو علي مصطفى والمناضلين الفلسطينيين. إذا تأملت هذه العبارة لوجدت أن كلمة (المناضلين) يمكن أن تقع تحت طائلة (معاقبة) بواسطة واو العطف، في حين أن المعنى المقصود هو معاقبة قتلة المناضلين الفلسطينيين كذلك، بعطف (المناضلين) على (ابو علي). وسيتضح هذا بالأقواس أيضا:
1- ضرورة معاقبة قتلة (أبو علي مصطفى والمناضلين الفلسطينيين)، وهذه هي القراءة المقصودة
2- ضرورة معاقبة (قتلة أبو علي مصطفى) و (المناضلين الفلسطينيين) ، وهذه هي القراءة المحتملة
وقد وقع التباس لبعض الشعراء كذلك. فمن ذلك قول حافظ في قصيدة عمر بن الخطاب، وأحب أن أبين أن القصة التي يشير إليها حافظ غير صحيحة. يقول حا فظ:
و قولـة لعلـي قالـهـا عـمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيـها
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنـان وحامـيها
والشاهد في البيت الثاني: حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ووجه الالتباس يكمن في جملة (وبنت المصطفى فيها) إذ أنها يمكن أن تكون حالا لجملة (حرقت دارك) أو حالا لجملة (إن لم تبايع). طبعا حافظ اعتمد على فطنة القاريء المطلع على الأخبار والتاريخ في هذا، ويمكن أن يكون لم ينتبه أصلا للالتباس الحاصل هنا، المهم أن القارئ الغير مطلع قد يجعلها حالا لـ (إن لم تبايع) بسبب مجاورتها لها.
وهناك أمثلة أخرى للالتباس يعتمد فيها على فهم القاري وما جرت عليه العادة، فمن ذلك قولنا :
سقط الولد على الكرسي فانكسرت رجله.
ووجه الالتباس هو أن الضمير في (رجله) يمكن نحويا أن يعود إلى الولد أو إلى الكرسي. لكن نظرا لأن الولد أهم من الكرسي انصرف الضمير إليه (أي إلى الولد). بيد أنا لو قلنا (أرجله) بدل (رجله) ، أو (مسندته) أو (دعامته) أو (حشيته) لانصرف الضمير عندها إلى الكرسي، لآن هذه الكلمات لا تكون إلا للكرسي.
وقد وجدت حالة في بيت من الشعر التبس فيه الخبر بالإنشاء حسب اصطلاح البلاغيين. فالمعروف عنهم أنهم
يقسمون الكلام الى خبروانشاء، فالخبر هو ما يحتمل الصدق او الكذب كمحمد بطل ، واما الإنشاء فهو ما لا يحتمل الصدق او الكذب، كاسلوب الطلب والاستفهام بانواعه والتعجب .
وقد وجدت مثالا يلتبس فيه الخبر بالانشاء، وذلك في بيت حمدونة بنت المؤدب :
وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم
والشاهد في قولها : سقاه مضاعف الغيث العميم ، اذ لا يُدرى هل هو دعاء للوادي بان يسقيه الغيث العميم، ام انه خبر عنه بان الغيث قد سقاه، او بعبارة أخرى: هل هي جملة طلب ودعاء أم جملة خبرية؟
طبعا هنا لا ينفع وضع اقواس بين الكلم لفك الالتباس، اذ ان الالتباس الحاصل هنا لا يعتمد على علاقة كلمة بأخرى في الجملة او علاقة تركيب بآخر، وانما الجملة برمتها ملتبسة و تحتمل الوجهين.
اذن كيف لنا ان نفك الالتباس ونجعل السامع يلتقط وجها واحدا فقط؟ اظن اننا يامكاننا ذلك اذا اجدنا تنغيم الجملة حسب المعنى المراد فتنغيم اسلوب الدعاء يختلف عن تنغيم اسلوب الخبر او التقرير ، لكن ما هو التنغيم؟ ببساطة هو طريقة نطققك للجملة ككل، فطريقة نطق السؤال تختلف عن طريقة نطق الجملة الخبرية.
ورب قائل يقول هذا في الاداء الشفوي ولكن ماذا نفعل في الكتابة؟ فاقول عندها استخدم علامات الترقيم: فاذا وضعت علامة تعجب في نهاية الجملة عرف القارئ انها جملة دعاء وليست جملة خبرية، ليصبح البيت هكذا:
وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم!
وهو ظاهرة ليست محصورة على لغة بعينها وإنما يمكن أن توجد في لغات كثيرة وسأتناول الآن بعض أمثلته في اللغة العربية. فمن ذلك هذه الجملة:
جمعت الكثير من نوادر الكتب
هل يمكنك اكتشاف الالتباس هنا؟ إنه في كلمة (نوادر) ، لماذا يا ترى؟ لأنها تحتمل أكثر من معنى ، إذ يمكن ان تعني :
1- النوادر الموجودة في الكتب أو 2- الكتب النوادر أي النادرة الوجود ، او 3- (وهو ابعد احتمالا) النوادر والطرائف المتعلقة بالكتب.
مثال آخر:
هل قرأت قصيدة رثاء عمرٍ لزيد ؟
ففي هذا السؤال لا تدري من هو المرثي ومن هو الراثي لآن كل شخص هنا يحتمل أن يكون الراثي والمرثي كذلك. ولفك هذا الالتباس سأستخدم الأقواس:
1- هل قرأت (قصيدة (رثاء عمرٍ)) لزيد ؟
وبهذا يتضح أن المرثي هو عمرو، وان (قصيدة رثاء عمرٍ) هو تركيب مرتبط ببعضه وهو مفعول به لـ (قرأت). بمعنى ان القصيدة موضوعها أوعنوانها (رثاء عمر) وهي لزيد.
2- هل قرأت قصيدة (رثاء عمرٍ لزيد) ؟
وبهذا يكون المرثي هو زيد. بمعنى هل قرأت القصيدة التي نظمها عمرو في رثاء زيد؟
ومن الالتباس كذلك قولنا: كان عقاب علي شديدا ، فلا ندري هل علي هو الذي عاقب؟ ام هو الذي عوقب.
وقد سمعت أحد مذيعي الأخبار يقول: ضرورة معاقبة قتلة أبو علي مصطفى والمناضلين الفلسطينيين. إذا تأملت هذه العبارة لوجدت أن كلمة (المناضلين) يمكن أن تقع تحت طائلة (معاقبة) بواسطة واو العطف، في حين أن المعنى المقصود هو معاقبة قتلة المناضلين الفلسطينيين كذلك، بعطف (المناضلين) على (ابو علي). وسيتضح هذا بالأقواس أيضا:
1- ضرورة معاقبة قتلة (أبو علي مصطفى والمناضلين الفلسطينيين)، وهذه هي القراءة المقصودة
2- ضرورة معاقبة (قتلة أبو علي مصطفى) و (المناضلين الفلسطينيين) ، وهذه هي القراءة المحتملة
وقد وقع التباس لبعض الشعراء كذلك. فمن ذلك قول حافظ في قصيدة عمر بن الخطاب، وأحب أن أبين أن القصة التي يشير إليها حافظ غير صحيحة. يقول حا فظ:
و قولـة لعلـي قالـهـا عـمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيـها
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنـان وحامـيها
والشاهد في البيت الثاني: حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ووجه الالتباس يكمن في جملة (وبنت المصطفى فيها) إذ أنها يمكن أن تكون حالا لجملة (حرقت دارك) أو حالا لجملة (إن لم تبايع). طبعا حافظ اعتمد على فطنة القاريء المطلع على الأخبار والتاريخ في هذا، ويمكن أن يكون لم ينتبه أصلا للالتباس الحاصل هنا، المهم أن القارئ الغير مطلع قد يجعلها حالا لـ (إن لم تبايع) بسبب مجاورتها لها.
وهناك أمثلة أخرى للالتباس يعتمد فيها على فهم القاري وما جرت عليه العادة، فمن ذلك قولنا :
سقط الولد على الكرسي فانكسرت رجله.
ووجه الالتباس هو أن الضمير في (رجله) يمكن نحويا أن يعود إلى الولد أو إلى الكرسي. لكن نظرا لأن الولد أهم من الكرسي انصرف الضمير إليه (أي إلى الولد). بيد أنا لو قلنا (أرجله) بدل (رجله) ، أو (مسندته) أو (دعامته) أو (حشيته) لانصرف الضمير عندها إلى الكرسي، لآن هذه الكلمات لا تكون إلا للكرسي.
وقد وجدت حالة في بيت من الشعر التبس فيه الخبر بالإنشاء حسب اصطلاح البلاغيين. فالمعروف عنهم أنهم
يقسمون الكلام الى خبروانشاء، فالخبر هو ما يحتمل الصدق او الكذب كمحمد بطل ، واما الإنشاء فهو ما لا يحتمل الصدق او الكذب، كاسلوب الطلب والاستفهام بانواعه والتعجب .
وقد وجدت مثالا يلتبس فيه الخبر بالانشاء، وذلك في بيت حمدونة بنت المؤدب :
وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم
والشاهد في قولها : سقاه مضاعف الغيث العميم ، اذ لا يُدرى هل هو دعاء للوادي بان يسقيه الغيث العميم، ام انه خبر عنه بان الغيث قد سقاه، او بعبارة أخرى: هل هي جملة طلب ودعاء أم جملة خبرية؟
طبعا هنا لا ينفع وضع اقواس بين الكلم لفك الالتباس، اذ ان الالتباس الحاصل هنا لا يعتمد على علاقة كلمة بأخرى في الجملة او علاقة تركيب بآخر، وانما الجملة برمتها ملتبسة و تحتمل الوجهين.
اذن كيف لنا ان نفك الالتباس ونجعل السامع يلتقط وجها واحدا فقط؟ اظن اننا يامكاننا ذلك اذا اجدنا تنغيم الجملة حسب المعنى المراد فتنغيم اسلوب الدعاء يختلف عن تنغيم اسلوب الخبر او التقرير ، لكن ما هو التنغيم؟ ببساطة هو طريقة نطققك للجملة ككل، فطريقة نطق السؤال تختلف عن طريقة نطق الجملة الخبرية.
ورب قائل يقول هذا في الاداء الشفوي ولكن ماذا نفعل في الكتابة؟ فاقول عندها استخدم علامات الترقيم: فاذا وضعت علامة تعجب في نهاية الجملة عرف القارئ انها جملة دعاء وليست جملة خبرية، ليصبح البيت هكذا:
وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم!