السلام عليكم
ولد "خضر سيد التوني" في حي شبرا يوم 15 سبتمبر سنة 1916، و نشأ في أسرة بسيطة. كان لوالده دكان لبيع الجلود، فلم يرسل "خضر" إلى المدرسة و لكنه أبقاه معه.
كان "خضر" شغوفا بمشاهدة المباريات الرياضية التي يمارسها تلاميذ "شبرا" في أرض الفضاء بجوار جامع الخازندارة، كان التلاميذ يصنعون ثقلا من يد مقشة في طرفيها حجران متساويان، و استمر وضع الأحجار حتى بلغ وزنها 80 كغ، حاول أي من التلاميذ رفع الثقل دون جدوى لم يتزحزح الثقل من مكانه. وقف الفتى الذي لا يتجاوز 17 سنة يراقب الموقف، و تمنى لو دعاه أحدهم ليجرب حظه في رفع الثقل، لمح تلميذ منهم ذلك الفتى، و رأى في عينه رغبة قوية في مشاركتهم محاولاتهم. سمحوا له أن يحاول رفع الثقل، و بمنتهى البساطة حمله دون أن يظهر عليه أدنى تأثر. هلل التلاميذ للفتى الذي لا يزيد عنهم سنا و دعوه لمشاهدة "علي الكسار" في مسرحه، و استمروا يزيدون الأثقال فيرفعها الفتى و يكافئونه على موهبته بقضاء ليلة في المسرح.
بعد عامين، و في بطولة القاهرة سجل مجموعة جديدة و رقما مصريا قياسيا قدره 245 كغ خطف و نطر. و سأل "خضر" عن الرقم العالمي فعرف أنه 106.5 كغ في رفعة الضغط، فلما أقيم مهرجان رياضي كبير في جمعية الشبان المسلمين سنة 1935 تمكن "خضر التوني" من ضرب الرقم القياسي العالمي و رفع 107.5 كغ ضعفا.
و في سنة 1936، تقرر اشتراك مصر في الألعاب الأولمبية الحادية عشرة في برلين عاصمة ألمانيا، يقول "خضر التوني" للأستاذ الكاتب الرياضي السيد فرج يصف أروع أيام حياته: "لا أستطيع أن أصف لك كيف كانت حالتي و مشاعري، كنت أحسب نفسي مثل عصفور انطلق من القفص إلى الفضاء الواسع، و عندما وقفت الباخرة "كوثر" في ميناء الإسكندرية و نحن نستعد للوصول إليها، كنت أظنها ستحملني إلى جنة أحلامي، سوف أذهب إلى أوربا و أواجه أبطال العالم، أبطال فرنسا و ألمانيا، الإنجليز و الروس و الأمريكان، و أنتصر عليهم، و أرفع علم مصر. كنت
مطمئنا جدا، واثقا تماما من أني سأفوز ببطولة العالم بإذن الله، تماما كما كنت أفعل حينما يراهنني أصحابي في حي البراد بشبرا على زجاجة "كازوزة" أو سهرة عند "علي الكسار" في روض الفرج".
أجمعت الدوائر الرياضية، ووكالات الصحف و الأنباء، و النقاد الرياضيون من شتى أنحاء العالم على أن دورة برلين الأولمبية سنة 1936 قد فاقت سابقاتها تنظيما واتساعا و إعلاما، و أرقاما و نتائج.
كذلك أجمعت على أن أهم المسابقات التي جرت كانت مباراة الوزن المتوسط في رفع الأثقال، لذلك كانت المباراة الوحيدة التي تأجلت عدة ساعات حتى يتسنى لزعيم ألمانيا "أدولف هتلر" مشاهدتها. كان "هتلر" واثقا تمام من فوز بطلي
ألمانيا "ازمير" و واغنر" بالمرتبتين الأولى و الثانية، و هو ما كانت تتوقعه جميع الدوائر الرياضية في القرية الأولمبية. وأخذت عينا النسر النازي ترقبان المباراة بشغف و فخر، النسر الذي كان هز عواصم العالم عندما يقف أمام
الميكروفون و على لسانه تتردد كلمة السلم..أو الحرب و تدوي صيحات شبابه: ألمانيا فوق الجميع... ولكن..تقدرون و تضحك الأقدار..و كان القدر هذه المرة اسمه: "خضر التوني".
كانت أرقام "ازماير" في مجموعها 842 رطلا، و هي أرقام معجزة لا قبل لأحد بالاقتراب منها، و هاج المدرج و ماج، فقد أصبحت الذهبية مضمونة ل "ازماير"، ثم تقدم البطل المصري "خضر التوني"، و إذا به يفاجئ الجمهور الغفير و يرفع أثقالا مجموعها 853 رطلا، أي أكثر 11 رطلا عما رفعه أسطورة ألمانيا .
وارتفع علم مصر ذو الهلال و النجوم الثلاث فوق حاضرة ألمانيا، و صدحت الموسيقى بالسلام المصري، وقف "أدولف هتلر" يستقبل أعظم رافع أثقال في العصر الحديث، و قال ل "خضر التوني": أهنئك ، و لمصر أن تفخر بك، أرجو أن تعتبر أنك هنا في ألمانيا بلدك الثاني، وددت لو كنت ألمانيا هر "توني". و اليوم يرى زائر مدينة ميونخ اسم "خضر
التوني" على شارع من أهم شوارعها تكريما للبطل .
و قد استمر "خضر التوني" بطل أبطال حمل الأثقال في العالم 15 سنة، سابقا بأرقامه و محتفظا ببطولته و هو ما لم يحققه غيره في سجل التاريخ الرياضي .
كتب عنه الناقد الرياضي الأشهر "شارك كوستر" في مجلة "الصحة و القوة" عدد يناير سنة 1956 أي بعد دورة برلين بعشرين سنة، في 6 صفحات محلاة بالصور تحت عنوان "جبار رفع الأثقال" قائلا: "إن لدي اعتبارات قاطعة حين أقول إن "خضر التوني" هو أعظم بطل أولمبي في رفع الأثقال في العصر الحديث. لقد كان "التوني" رجل الساعة في أولمبياد برلين سنة 1936، و قد سحق منافسيه تماما".
قال "هتلر" ل"خضر التوني": إن لمصر أن تفخر بك، فلما عاد إلى مصر و توجه لتسلم عمله السابق في مدرسة الصناعات الميكانيكية ب "بولاق"، قال له ناظر المدرسة: "أنت مطرود بسبب الغياب" .
وضعو اسمه في صدارة قائمة عظماء الحديد في التاريخ، و هي القائمة السنوية التي يصدرها الاتحاد الدولي، و تشمل 50 أعظم بطلا في التاريخ وفقا للأرقام المسجلة، و الأمد التاريخي الذي عاشته، و لم تتحطم و لمدة 50 عاما بالتمام و الكمال، و منذ دورة برلين و "خضر التوني" يحتل رقم 1 في هذه القائمة، و منذ عام 1936 و حتى عام 1996 حين استطاع البطل التركي سليمانو غلو كسر هذا الإعجار و احتلال المركز الأول، ليتراجع خضر التوني إلى المركز الثاني في قائمة العظماء السنوية.
كان عمر "خضر التوني" في دورة برلين 20 عاما، و كان مقررا تكرير التجربة في دورتي 1940 و 1944، و لكن قيام الحرب العالمية الثانية ألغى الدورتين، فخسرت الألعاب الأولمبية إنجازات بطل لن يتكرر و هو في أوج مجده . و حينما حلت دورة لندن سنة 1948 أصيب بالتهاب في الزائدة الدودية قبل يوم واحد من النزال، و مع هذا احتل المركز الرابع. فاز أيضا ببطولة العالم ثلاث مرات.
كان ملوك الحديد "التوني" و زملاؤه، يمارسون الرياضة كهواة، و كان غاية ما يحصلون عليه هو قسائم من شركة الترام لركوب الترام مجانا . الجائزة الوحيدة كانت بوليصة تأمين على الحياة بقيمة ألف جنيه، و من المفارقات القدرية العجيبة، أن "خضر التوني" لم يهنأ بقيمة التأمين، رغم أنه استردها بهدف بناء منزل له و لأولاده في حلوان، فبعد أن بنى المنزل و أثناء قيامه بتركيب أحد المصابيح، أصيب بماس كهربائي فسقط ميتا في لحظة عن أربعين عاما .
مع تحيات The King Zaki
خضر التوني...قاهر الحديد
ولد "خضر سيد التوني" في حي شبرا يوم 15 سبتمبر سنة 1916، و نشأ في أسرة بسيطة. كان لوالده دكان لبيع الجلود، فلم يرسل "خضر" إلى المدرسة و لكنه أبقاه معه.
كان "خضر" شغوفا بمشاهدة المباريات الرياضية التي يمارسها تلاميذ "شبرا" في أرض الفضاء بجوار جامع الخازندارة، كان التلاميذ يصنعون ثقلا من يد مقشة في طرفيها حجران متساويان، و استمر وضع الأحجار حتى بلغ وزنها 80 كغ، حاول أي من التلاميذ رفع الثقل دون جدوى لم يتزحزح الثقل من مكانه. وقف الفتى الذي لا يتجاوز 17 سنة يراقب الموقف، و تمنى لو دعاه أحدهم ليجرب حظه في رفع الثقل، لمح تلميذ منهم ذلك الفتى، و رأى في عينه رغبة قوية في مشاركتهم محاولاتهم. سمحوا له أن يحاول رفع الثقل، و بمنتهى البساطة حمله دون أن يظهر عليه أدنى تأثر. هلل التلاميذ للفتى الذي لا يزيد عنهم سنا و دعوه لمشاهدة "علي الكسار" في مسرحه، و استمروا يزيدون الأثقال فيرفعها الفتى و يكافئونه على موهبته بقضاء ليلة في المسرح.
بعد عامين، و في بطولة القاهرة سجل مجموعة جديدة و رقما مصريا قياسيا قدره 245 كغ خطف و نطر. و سأل "خضر" عن الرقم العالمي فعرف أنه 106.5 كغ في رفعة الضغط، فلما أقيم مهرجان رياضي كبير في جمعية الشبان المسلمين سنة 1935 تمكن "خضر التوني" من ضرب الرقم القياسي العالمي و رفع 107.5 كغ ضعفا.
و في سنة 1936، تقرر اشتراك مصر في الألعاب الأولمبية الحادية عشرة في برلين عاصمة ألمانيا، يقول "خضر التوني" للأستاذ الكاتب الرياضي السيد فرج يصف أروع أيام حياته: "لا أستطيع أن أصف لك كيف كانت حالتي و مشاعري، كنت أحسب نفسي مثل عصفور انطلق من القفص إلى الفضاء الواسع، و عندما وقفت الباخرة "كوثر" في ميناء الإسكندرية و نحن نستعد للوصول إليها، كنت أظنها ستحملني إلى جنة أحلامي، سوف أذهب إلى أوربا و أواجه أبطال العالم، أبطال فرنسا و ألمانيا، الإنجليز و الروس و الأمريكان، و أنتصر عليهم، و أرفع علم مصر. كنت
مطمئنا جدا، واثقا تماما من أني سأفوز ببطولة العالم بإذن الله، تماما كما كنت أفعل حينما يراهنني أصحابي في حي البراد بشبرا على زجاجة "كازوزة" أو سهرة عند "علي الكسار" في روض الفرج".
أجمعت الدوائر الرياضية، ووكالات الصحف و الأنباء، و النقاد الرياضيون من شتى أنحاء العالم على أن دورة برلين الأولمبية سنة 1936 قد فاقت سابقاتها تنظيما واتساعا و إعلاما، و أرقاما و نتائج.
كذلك أجمعت على أن أهم المسابقات التي جرت كانت مباراة الوزن المتوسط في رفع الأثقال، لذلك كانت المباراة الوحيدة التي تأجلت عدة ساعات حتى يتسنى لزعيم ألمانيا "أدولف هتلر" مشاهدتها. كان "هتلر" واثقا تمام من فوز بطلي
ألمانيا "ازمير" و واغنر" بالمرتبتين الأولى و الثانية، و هو ما كانت تتوقعه جميع الدوائر الرياضية في القرية الأولمبية. وأخذت عينا النسر النازي ترقبان المباراة بشغف و فخر، النسر الذي كان هز عواصم العالم عندما يقف أمام
الميكروفون و على لسانه تتردد كلمة السلم..أو الحرب و تدوي صيحات شبابه: ألمانيا فوق الجميع... ولكن..تقدرون و تضحك الأقدار..و كان القدر هذه المرة اسمه: "خضر التوني".
كانت أرقام "ازماير" في مجموعها 842 رطلا، و هي أرقام معجزة لا قبل لأحد بالاقتراب منها، و هاج المدرج و ماج، فقد أصبحت الذهبية مضمونة ل "ازماير"، ثم تقدم البطل المصري "خضر التوني"، و إذا به يفاجئ الجمهور الغفير و يرفع أثقالا مجموعها 853 رطلا، أي أكثر 11 رطلا عما رفعه أسطورة ألمانيا .
خضر التوني وسط ايزماير و فاغنر
وارتفع علم مصر ذو الهلال و النجوم الثلاث فوق حاضرة ألمانيا، و صدحت الموسيقى بالسلام المصري، وقف "أدولف هتلر" يستقبل أعظم رافع أثقال في العصر الحديث، و قال ل "خضر التوني": أهنئك ، و لمصر أن تفخر بك، أرجو أن تعتبر أنك هنا في ألمانيا بلدك الثاني، وددت لو كنت ألمانيا هر "توني". و اليوم يرى زائر مدينة ميونخ اسم "خضر
التوني" على شارع من أهم شوارعها تكريما للبطل .
و قد استمر "خضر التوني" بطل أبطال حمل الأثقال في العالم 15 سنة، سابقا بأرقامه و محتفظا ببطولته و هو ما لم يحققه غيره في سجل التاريخ الرياضي .
كتب عنه الناقد الرياضي الأشهر "شارك كوستر" في مجلة "الصحة و القوة" عدد يناير سنة 1956 أي بعد دورة برلين بعشرين سنة، في 6 صفحات محلاة بالصور تحت عنوان "جبار رفع الأثقال" قائلا: "إن لدي اعتبارات قاطعة حين أقول إن "خضر التوني" هو أعظم بطل أولمبي في رفع الأثقال في العصر الحديث. لقد كان "التوني" رجل الساعة في أولمبياد برلين سنة 1936، و قد سحق منافسيه تماما".
قال "هتلر" ل"خضر التوني": إن لمصر أن تفخر بك، فلما عاد إلى مصر و توجه لتسلم عمله السابق في مدرسة الصناعات الميكانيكية ب "بولاق"، قال له ناظر المدرسة: "أنت مطرود بسبب الغياب" .
وضعو اسمه في صدارة قائمة عظماء الحديد في التاريخ، و هي القائمة السنوية التي يصدرها الاتحاد الدولي، و تشمل 50 أعظم بطلا في التاريخ وفقا للأرقام المسجلة، و الأمد التاريخي الذي عاشته، و لم تتحطم و لمدة 50 عاما بالتمام و الكمال، و منذ دورة برلين و "خضر التوني" يحتل رقم 1 في هذه القائمة، و منذ عام 1936 و حتى عام 1996 حين استطاع البطل التركي سليمانو غلو كسر هذا الإعجار و احتلال المركز الأول، ليتراجع خضر التوني إلى المركز الثاني في قائمة العظماء السنوية.
كان عمر "خضر التوني" في دورة برلين 20 عاما، و كان مقررا تكرير التجربة في دورتي 1940 و 1944، و لكن قيام الحرب العالمية الثانية ألغى الدورتين، فخسرت الألعاب الأولمبية إنجازات بطل لن يتكرر و هو في أوج مجده . و حينما حلت دورة لندن سنة 1948 أصيب بالتهاب في الزائدة الدودية قبل يوم واحد من النزال، و مع هذا احتل المركز الرابع. فاز أيضا ببطولة العالم ثلاث مرات.
كان ملوك الحديد "التوني" و زملاؤه، يمارسون الرياضة كهواة، و كان غاية ما يحصلون عليه هو قسائم من شركة الترام لركوب الترام مجانا . الجائزة الوحيدة كانت بوليصة تأمين على الحياة بقيمة ألف جنيه، و من المفارقات القدرية العجيبة، أن "خضر التوني" لم يهنأ بقيمة التأمين، رغم أنه استردها بهدف بناء منزل له و لأولاده في حلوان، فبعد أن بنى المنزل و أثناء قيامه بتركيب أحد المصابيح، أصيب بماس كهربائي فسقط ميتا في لحظة عن أربعين عاما .
مع تحيات The King Zaki