السلام في الإسلام
إن السلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين , فأصبحت جزءا من كيانهم, و عقيدة من عقائدهم. لقد صاح الإسلام ـ منذ طلع فجره, وأشرق نوره ـ صيحته المدوية في آفاق الدنيا, يدعو إلى السلام, ويضع الخطة الرشيدة التي تبلغ بالإنسانية إليه. إن الإسلام يحب الحياة , و يقدسها , ويحبب الناس فيها , و هو لذلك يحررهم من الخوف , و يرسم الطريقة المثلى لتعيش الإنسانية متجهة إلى غاياتها من الرقي والتقدم , وهي مظللة بظلال الأمن الوارفة.
ولفظ الإسلام ـ الذي هو عنوان هذا الدين ـ مأخوذ من مادة السلام, لأن السلام و الإسلام, يلتقيان في توفير الطمأنينة, والأمن , والسكينة , ورب هذا الدين من أسمائه "السلام" لأنه يؤمن الناس بما شرع من مبادئ , وبما رسم من خطط ومناهج . وحامل هذه الرسالة هو حامل راية السلام, لأنه يحمل إلى البشرية الهدى, والنور, والخير, و الرشاد.
وهو يحدث عن نفسه فيقول :"إنما أنا رحمة مهداة ". و يحدث القرآن عن رسالته , فيقول :"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ". وتحية المسلمين التي تؤلف القلوب و تقوى الصلات. وتربط الإنسان بأخيه الإنسان, هي السلام. وأولى الناس بالله وأقربهم إليه من بدأهم بالسلام . وبذل السلام للعالم , وإفشاؤه جزء من الإيمان . وقد جعل الله تحية
المسلمين بهذا اللفظ , للإشعار بأن دينهم دين السلام و الأمان , وهم أهل السلم ومحبو السلام .
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"إن الله جعل السلام تحية لأمتنا , وأمانا لأهل ذمتنا". وما ينبغي للإنسان أن يتكلم مع إنسان قبل أن يبدأه بكلمة السلام . السلام قبل الكلام . وسبب ذلك : أن السلام أمان . ولا كلام إلا بعد الأمان .
والمسلم مكلف وهو يناجي ربه بأن يسلم على نبيه , وعلى نفسه , وعلى عباد الله الصالحين , فإذا فرغ من مناجاته لله وأقبل على الدنيا ,أقبل عليها من جانب السلام , والرحمة , والبركة , وفي ميدان الحرب و القتال , إذا أجرى المقاتل كلمة السلام , على لسانه , وجب الكف عن قتاله .
يقول الله تعالى:" ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ". وتحية الله للمؤمنين تحية سلام: "تحيتهم يوم يلقونه سلام ". وتحية الملائكة للبشر في الآخرة سلام: "والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ". و مستقر الصالحين دار الأمن و السلام : "والله يدعو إلى دار السلام ". وأهل الجنة لا يسمعون من القول ولا يتحدثون بلغة غير لغة السلام : "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما " .
وكثرة تكرار هذا اللفظ السلام على هذا النحو , مع إحاطته بالجو الديني النفسي , من شأنه أن يوقظ الحواس جميعها , ويوجه الأفكار و الأنظار إلى هذا المبدأ السامي . كروانة