كل من يتأمل سلوك المخلوقات البرية أو الطائرة في الجو، يشعر بمدى غرابتها وما تحمله من روعة وحكمة الخالق غزّ وجل. ففي البحار يوجد نوع من أسماك القط البحرية، يقوم الذكر بدور الأم نحو صغاره، فهو يأخذ البيض في فمه بعد أن تضعه الأنثى، ويحمله شهرا أو أكثر إلى أن يفقس، وبعد الفقس يستمر في فمه لمدة أسبوعين، ثم يتركها بعد نموها لتعيش حياتها.
الغريب أن الذكر يحمل أحيانا 50 بيضة في فمه، ويصبح من المستحيل عليه أن يأكل أو يتغذى طيلة هذه المرحلة، أي أنه يصوم لمدة تصل إلى ستة أسابيع.
وبين الصخور المرجانية تعيش أسماك <<أبودقيق>> بشكلها الجميل وألوانها الزاهية عندما يحاول عدو افتراسها، تقوم بمناورة بارعة، وهي التحكم في فمها بحيث يشبه الذيل، وعندما يحاول المعتدي الاندفاع نحو رأسها الوهمي متجها إلى الخلف تندفع السمكة بسرعة إلى الأمام، وتهرب قبل أن يُدرك عدوها الخدعة الكبرى!
هناك نوع من الأسماك اسمه <<رامي السهام>> موطنه منابع الأنهار في المناطق الحارة، وله طريقة في الصيد تتحدى الخيال، فهو يسبح على سطح الماء باحثا عن الحشرات أو الأعشاب المائية، وعند رؤية صيد لذيذ تنطلق من فمه قطرات مائية سريعة متتابعة، تُشبه السهام أو الرصاص المنطلق من سلاح حديث. فيُصيب هدفه، وتسقط الحشرات الطائرة وتقع في الماء ليقتنصها ويتغذى بها.. ولله في خلقه شئون.